الوجه السياسي لكرة القدم

آراء 2023/01/17
...

 كاظم لفتة جبر 


تعد لعبة كرة القدم الأكثر شعبية في العالم ككل، لما تتميز به من إثارة عواطف الجماهير، وتعبر عن الوجه الثقافي للبلد من خلال المنافسات الرياضية، لذلك تجدها معرضة للاستغلال من قبل السياسيين ورؤوس الأموال والأيديولوجيات، فكل فريق كروي لا يمكن اختصار تمثيله للبلد، من خلال دحرجة الكرة، بل كل شخص بالفريق يمثل المجتمع، ويحمل هم وأفكار الجماعة، فالموهبة والمهارة هما اللتان تجعلان اللاعب في هذا الموضوع من تمثيل المجتمع رياضيا وثقافيا، كما أن الإعلام له الدور البارز في نقل تلك الفعاليات وتسويقها، فالمعلق على المباراة ما هو إلا أداة لترجمة لغة الكرة، وحركات اللاعبين الرمزية إلى المشاهدين، وصوته ما هو إلا بث للروح الوطنية التي تظهر في الانحياز من خلال تغيير صوته عند تسجيل الأهداف، لذا تكون المنافسات الكروية ذات بعد سياسي، لأنها تهيج الوعي الجمعي للشعوب وتوحدهم خلف فريقهم، فالفريق الوطني هو الذي يمثل كل فرد في هذا البلد أو ذاك، فكرة القدم لعبة في أساسها تعتمد على الإثارة، والإنسان كائن يبحث عن الإثارة والمتعة في جميع مجالات حياته، لذلك تجد الأنظمة السياسية والايديولوجيات تستغل هذه النزوع السيكولوجي لدى الأفراد في توطيد علاقاتها معهم ونشر أفكارها، واحداث كأس العالم في قطر ٢٠٢٢ كانت خير دليل على استغلال الأنظمة العالمية للحدث الرياضي، سواء في نظرة الغرب الاستعلائية على عدم مقدرة العرب في النجاح، أو في ردة فعل الألمان من سياسية قطر في منع الترويج لأفكار المثلية، وكذلك مباراة الفريق الإيراني وأميركي، التي أخذت طابعا سياسيا لدى الجماهير نتيجة النزاعات السياسية بين الدولتين، وكذلك عدم قراءة النشيد الوطني من قبل الفريق الإيراني، ليعبروا عن وقفتهم مع الشعب ضد أفعال الحكومة الإيرانية، فكان التشجيع للفرق العالمية ممزوجا بالميول الأيديولوجية للأفراد. ولا يغيب عنا الامتعاض الغربي من ارتداء قائد الفريق الأرجنتيني ميسي للبشت العربي عند رفعه لكأس العالم، إذ اعتبرها الغرب رسالة سياسية لانتصار العادات والتقاليد العربية في قطر على الأفكار الغربية. 

وما يحدث في بطولة كأس الخليج العربي 25 في البصرة ذات الطابع السياسي منذُ تأسيسها، اعتراض إيران على تسميتها بالخليج العربي واستدعائها للسفير العراقي كونهم يرون في تبعية الخليج والبصرة إلى الفرس، كما لا نجد رداً من الدولة العراقية في حفظ سيادة البلد، بسبب تبعية الكثير من الساسة العراقيين لإيران. لولا القرار السياسي الخليجي بالانفتاح على العراق لما أقيمت البطولة في البصرة،لذلك يجب استغلال هذه البطولة لرجوع العراق لوضعه الطبيعي السياسي والثقافي، بعد أن شوهت الماكنات الإعلامية صورة البلد والشعب العراقي أمام العالم، لذلك يجب على العراق تصليح سياسته وحفظ سيادته من خلال استغلال المجال الرياضي والثقافي في استضافة البطولات الدولية.