أسعار العقارات.. صعودٌ لا ينقطع

آراء 2023/01/17
...

 رزاق عداي


ظاهرة تفاقم أسعار العقارات في السنوات الاخيرة في العراق هي أبعد أن تؤشر إلى ظاهرة اقتصادية فحسب، إنما تفاقمها هو يوازي نسبة الزيادة الكبيرة في استقطاب المال العراقي لصالح طبقات سياسية فاسدة وبثراء فاحش، متنفذة تمكنت من الاقتراب من مكامن المال العام والاستحواذ عليه، وبدلا من مخاطر الايداعات في المصارف الاجنبية جرى الاحتفاظ به على شكل عقارات رابحة ومضمونة، فعلى الرغم من آثار الأزمة الاقتصادية في البلاد الناجمة عن المشكلات التي تسببت بها جائحة كورونا، ولاحقاً الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا وارتفاع اسعار المواد الغذائية وتراجع الاستثمارات في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة، ظلت سوق العقارات بعيدة عن تلك التطورات، فشهدت أسعار العقارات في أغلب مناطق بغداد ارتفاعاً كبيراً، وصل أحياناً إلى الضعف في بعض المناطق، مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما ألحق ضرراً بقطاعات واسعة، خاصة في ظل أزمة سكن حادة تعصف بالبلاد،  وإذا كانت الأسباب التي تفسر هذا الارتفاع متعددة، فإن العقوبات الأميركية التي استهدفت عدداً من الشخصيات والمسؤولين المحلين، ساعدت على هذا الارتفاع، لجهة عدم امكانية خروج أموال تلك الفئة إلى بلدان أخرى، كما كان يحصل سابقاً ويرى محللون ومتابعون أن أغلب المسؤلين والنواب اتجهوا إلى الاستثمار في الداخل، وتحديداً سوق العقار الاكثر ضماناً وأماناً، مثل الوحدات السكنية أو الفلل، أو الأراضي الزراعية، فضلاً عن قطاع البنوك، وشركات الصيرفة، ويبدو أن هذا التوجه في سياقه الطبيعي حالة صحية، ولكنه في العراق، عاد بالضرر وأسهم في ارتفاع أسعار العقارات والأراضي.

 ربما يبدو أن الوضع الأمني المستتب نسبياً ودخول شركات العقارات بقوة في ظل الأزمة السكنية، جعل الاستثمار أو الاحتفاظ بالأموال داخلياً، خياراً مطروحا ً بالنسبة إلى الكثير من المسؤولين والموسورين المحليين، والراغبين بغسيل أموالهم، فضلاً عن أن التوترات السياسية العالمية المقلقة، وتردي الأوضاع الاقتصادية في بلدان الجوار، أسهما بالفعل في إبقاء تلك الأموال داخل البلد، يضاف إلى ذلك، شهدت بغداد العاصمة تجريفا واسعا للبساتين الزراعية، لتحويلها إلى أراضٍ سكنية، ضمن مساعي الافراد لمواجهة الطلب الحاصل على الدور، وهو ما دفع المتمكنين مالياً إلى شراء آلاف الدونمات الزراعية، وتحويلها إلى قطع سكنية، يترتب على الحكومة الأخيرة أن تتخد الاجراءات والتدابير المناسبة لمعالجة هذا السعار في أسعار العقارات، بغية حماية الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، لا سيما وأن موازنة سنة 2023 على الأبواب، فالضرورة تستدعي جعل قضية السكن من الأولويات في فقراتها.