الأمــــــن الدوائــــــي

آراء 2023/01/17
...

  مريم كريم هاشم الخالدي


 يعتبر الحق في الصحة من الحقوق الأساسية للإنسان، نظرا لما يتمتع به مبدأ الرعاية الصحية من ركائز وقائية وعلاجية، تتطلب توفير أدوية بجودة عالية وتكلفة مناسبة لسلامة وشفاء الأفراد، ويعتبر الحصول على الأدوية جزءاً من الحق في الصحة ويرتكز الأمن الدوائي على ضمان قدرة الدولة في توفير احتياجات المجتمع من الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية، وضمان الحد الأدنى من تلك الاحتياجات، بجودة عالية وأسعار مناسبة لدخل الأفراد، وفي مختلف الأوقات 

والأزمات. 

وإنَّ هناك واجبا قانونيا على الدولة، يتمثل بتوفير الدواء وقدرتها على إحراز مخزون كافٍ لتلبية الاحتياجات الدوائية، لسكانها من المرضى لأغراض العلاج والتزام الدولة بتمكين الجميع من الحصول على الدواء والتزام الدولة بالتسعير المقبول، وتوفير أدوية تحظى بالمقبولية وأن أهم ما يهدد الأمن الدوائي هو انعدام الصناعة الدوائية والاستيراد العشوائي للأدوية، حيث إن لاستيراد الأدوية إيجابيات كثيرة، منها توفير أدوية ضرورية تكون الدولة قادرة على صناعتها وبيعها بأسعار رخيصة لصالح 

المستهلك.

إلا ان الأمر ينعكس وينتكس عند فتح باب الاستيراد على مصراعيه، من دون ضوابط وأسس تحدد شروط وأهمية استيراد الأدوية، ما يؤدي إلى ظهور الكثير من الأمور، التي تشكل خطرا على الأمن الدوائي وضعف التوازن بين صناعة واستيراد الأدوية وظهور المنافسة غير المتكافئة مع 

المستورد.

وأن عجز الدولة عن توفير الدواء وانعدام الصناعة الدوائية أو الاستيراد العشوائي أو العجز المادي للدولة والاستهلاك غير الممنهج، يعتبر من أهم أسباب مهددات الأمن الدوائي، حيث إن فتح باب الاستيراد والاعتماد عليه بشكل كبير يؤدي إلى تزايد مخاطر دخول الأدوية المغشوشة والمقلدة وتهريبها عبر البلاد، وتهميش الصناعات الدوائية الوطنية.

ما يجعلها تشكل خطورة على سلامة الأمن الدوائي وسبل تحقيقه، ومن خلال النصوص التشريعية، التي عالجت موضوع الدواء في قوانين ممارسة مهنة الصيدلة والصحة العامة، أنها خلت من النصوص على ضمان توفر الأدوية بجودة عالية وأسعار مناسبة بهدف تحقيق امن دوائي، ولم يبيّن المشرّع العراقي معنى تداول الأدوية، وتنظيم عملية نقل وبيع وهبة وتبرع وتصدير واستيراد وإدخال واستعمال وتوزيع الأدوية، للسيطرة على سلامتها والمستلزمات الطبية من لحظة إطلاق صرفها حتى وصولها إلى المستهلك، ولا بدَّ من تدخل الجهات المختصة إلى ضبط السعر، الذي يمكن للمستهلك تحمل كلفته ودفعه من أمواله الخاصة، وفق معادلة سعرية تراعي أن الدواء حق من حقوق الإنسان لا يجوز حرمانه منه وإخضاعه لمنطق 

الربح.

وهذا الأمر لا غنى عنه لكي يصل الدواء إلى من يحتاجه وبيان أسس وأهداف تنظيم الأمن الدوائي وحمايته، ضمن إطار السياسة الدوائية التي يرسمها المشرّع لضمان الأمن الدوائي ومراقبة الصيدليات، وخصوصا نوعية الأدوية ومراقبة الأسعار، ووضع العقوبات الجنائية على الأشخاص المخالفين لتشريعات الأمن الدوائي بما يحافظ على أمن المجتمع وسلامة 

أفراده.