أ.د.جاسم يونس الحريري
منح العراق السبت الموافق الرابع عشر من كانون الثاني2023 مواطني بلدان الخليج العربي الدخول دون تأشيرة .وقال (أسعد العيداني) محافظ البصرة (إنَّ رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني وجه للسماح بدخول المواطنين الخليجيين دون تأشيرة بعد بطولة خليجي25 إلى إشعار آخر)، وهي فرصة لدخول الاشقاء الخليجيين إلى العراق، الذي يعدُّ الخطوة الاولى منذ الغزو والاحتلال الأميركي للعراق في اذار2003. السؤال الذي يفرض نفسه: ما هي آثار قرار العراق بالسماح للخليجيين جميعا بدون تأشيرة إلى العراق بعد خليجي25 والى إشعار آخر؟ إن الاجابة على هذا التساؤل يسمح لنا أن نثبت الحقائق التاليَّة:
1 - إن العراق جزءٌ أساسي، وفاعل، من إقليم الخليج العربي بوجود اللسان البحري، الذي يمتد ويطل من العراق على منطقة الخليج العربي من الناحية البحرية، من خلال دولة الكويت الشقيقة، ومن ثم إلى باقي دول الخليج العربية الخمس الأخرى في مجلس التعاون.
2 - إن العلاقات العراقية -الخليجية هي علاقات غائرة في القدم منذ آلاف السنين، حيث كانت الحضارات العراقية (السومرية، الكلدانية، الآشورية، الاكدية)، لها علاقات قديمة مع الحضارات الخليجية، ولعل أبرزها تبرز (حضارة دلمون) البحرينية، وحضارة (مجان)العمانية، وقد وجدت في المعابد العراقية في عهد الحضارة السومرية قطع طينية، تم جلبها من بلاد البحرين في أقصى الخليج العربي. فضلا عن مجاورة العراق لدولتين من دول مجلس التعاون الخليجي وهما الكويت، والمملكة العربية السعودية، ناهيك عن العلاقات الدينية بين شيعة العراق، وشيعة الخليج، حيث يزورسنويا الآلاف من الزوار الشيعة الخليجيين المراقد الدينية الشيعية في العراق في مدينة سامراء، ومدينة الكاظمية المقدسة في بغداد، والعتبات المقدسة في مدينتي كربلاء المقدسة، والنجف الأشرف .
3 - إن الشعب الخليجي يكن احتراما وتقديرا خاصا للشعب العراقي ولطاقاته البشرية، ويمكن الاستشهاد بما قاله الشيخ (محمد بن زايد) رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الحالي، عندما كان وليا للعهد الاماراتي في الثالث من نيسان2021 (إن العراق، وأهل العراق لهم فضل كبير على دولة الامارات، وهناك الكثير من العراقيين بنوا، وعملوا، وطوروا، وساعدوا في بناء الامارات)، وأضاف (نحن دائما نذكر ذلك سواء من مهندسين، وأطباء، وحتى سياسيين، وما زال الكثير من العراقيين يعيشون في الامارات ولهم الفضل الكبير، وأنا أتمنى أن تنمو العلاقات لخدمة
الشعبين).
4 - إن نجاح العراق في تنظيم خليجي 25، وروح الايثار، والفروسية، والكرم الحاتمي، التي أبداها أبناء البصرة الاصلاء في احتضان أشقائهم الخليجيين إلى مستوى وصل الامر الوقوف على قارعة الطريق، الذي يصل إلى مدينة البصرة والتسابق في تحمل ضيافة الفرق الرياضية الخليجية، لا بل إن مضايف العشائر العربية الاصيلة في البصرة الفيحاء فتحت دواوينها ومضايفها لخدمة الأشقاء الخليجيين، بحيث خلق تعاطفا انسانيا بين الطرفين قلَّ مثيله في المنطقة. وقد قام الخليجيون بتوجيه العتب على مدوني وسائل التواصل الاجتماعي العراقيين وطالبوهم باكثار ضخ الفيديوهات، التي تبيّن حالة الاستقرار والامن المجتمعي وحالة الازدهار الاقتصادي، التي تعم البصرة في تطبيقات “الفيسبوك وتويتر” وعدم السماح للجيوش الالكترونية التي تنقل حالة سوداوية ومضللة للحياة في العراق بعد2003، واستبدالها بالفيديوهات، التي توضح جمال الطبيعة الساحرة في البصرة وكرم اهل العراق الذي عبروا عن حبهم لاشقائهم الخليجيين. وقد قال أحد أعضاء الفرق الرياضية الخليجية في الكرم العراقي (ما يثير استغرابي أنني لم تتح لي الفرصة الذهاب إلى الصيرفة لتحويل موالي إلى العملة العراقية، لأن كرم اهل البصرة شملنا بكل شيء عندما نذهب إلى المقهى لنتناول المشروبات الساخنة وعلى رسها الشاي العراقي، لا يرضون أن ندفع لهم، وعندما نذهب إلى الاسواق لاقتناء بعض البضائع لا يرضون أن ندفع لهم، وكذلك عندما نذهب إلى المطاعم لا يرضون أن ندفع لهم).
5 - المثير في الامر عندما سمع الأشقاء الخليجيون بقرار العراق بالسماح للخليجيين الدخول إلى العراق بدون تأشيرة والى إشعار آخر حتى بعد انتهاء خليجي 25 عبروا عن فرحتهم بهذا القرار، واعتبروه محطة مهمة في العلاقات العراقية –الخليجية، وأكد الأغلبية منهم (أننا بدأنا بالاتصال بعوائلنا للتحضير لزيارة العراق قريبا، من خلال محافظة البصرة، لأن عوائلنا أصابها الشوق لرؤية حرارة كرم أهل العراق عموما وأهل البصرة خصوصا، من خلال الفيديوهات التي ننشرها والتي نرسل نسخة منها اليهم، والزيارة القادمة ستتم بسياراتنا الشخصية، وبأرقامنا الخليجية لنعبر عن لحمتنا العربية والخليجية مع اشقائنا
العراقيين).
6 - منذ فترة وأنا أكتب المقالات العلمية في الصحافة العراقية والعربية والاجنبية، وأعبر كذلك من خلال لقاءاتي في محطات التلفزة الفضائية العراقية والعربية والاجنبية، باعتباري خبيرا دوليا معتمدا في الشؤون الخليجية لأكثر من ربع قرن (أن هناك ضرورة جيوسياسية، واستراتيجية لبناء العلاقات العراقية- الخليجية من الأسفل إلى الأعلى، وليس من الاعلى إلى الأسفل، لأن الشعوب هي التي تبقى والحكومات تنتهي ضمن دورة الزمن، ويبقى التواصل الشعبي العراقي- الخليجي هو الذي ينعش العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، ولا نسمح لأي كان أن يعكر صفو العلاقات في ما بيننا، ولدي خطة محكمة لاستثمار هذا التطور عبر خطوات غير مطروقة سابقا في بناء العلاقات العراقية- الخليجية يمكن طرحها على المعنيين، ونرحب بالاتصال بنا لعرضها عليهم لأنها تحتاج إلى دعم وفهم لخطواتنا التي نطمح ان يكون اهتمام بها من قبل الجهات القريبة من صانع القرار، ليعم الأمن والسلام والوئام والتعايش السلمي بين العراق وبلدان الخليج العربي).
*الخبير الدولي المعتمد في الشؤون الخليجيَّة