د.عبد الخالق حسن
اليوم نحن على موعد مع ختام الحدث الأهم الذي ملأ الدنيا وشغل والناس. فعلى بعد ساعات فقط تكون العيون مترقبةً للمباراة النهائية لخليجي 25، بعد أيام عاش فيها الجميع في العراق وخارج العراق تفاصيل مذهلة، كانت غائبة عن عيون الإعلام الخارجي الذي كان يتعامل مع العراق وأحداثه بشكل نمطي، لا يستدعي سوى الأزمات والإخفاقات والصراعات المدمرة والخوف والقلق من كل ما يتعلق بالعراق.
نجحت البطولة، ونجح منظموها إعادة كسر النمطية والانتقال نحو صور جديدة للعراق تتلون بالحب والكرم والطيبة والحياة.
أحياناً يكون الهامش أهم من المتن، وبالعكس يكون المتن هو المكتسي بالأهمية. لكن الذي منحتنا إياه البصرة وبطولتها الكروية، هو أن الكل فيها صار متناً. فالجماهير التي كانت تضج بها الملاعب والشوارع والساحات العامة، والتي أعطت البطولة امتيازاً غير مسبوق في كونها البطولة الأكثر حضوراً للجماهير، هذه الجماهير هي التي جعلت النجاح حليف البطولة. وكذلك، فإن الوجوه الباسمة للبصريين، واستقبالهم اللافت لضيوف البصرة، جعل الجميع يقف مذهولاً أمام هذا العطاء المنقطع النظير، والذي أصاب الإعلام الخليجي والعربي والعالمي بالدهشة البذل والكرم البصري.
فضلا عن هذا، فإن قيمة البطولة لا تتوقف عند هذا الحدث الرياضي، بل تتجاوزه إلى جعل العالم الخارجي يطمئن إلى أن البصرة هي بيئة آمنة يمكن الاستثمار فيها بعيداً عن كل خوف أو وجل.
هنا علينا أن نقف باحترام شاكرين للإعلام القطري والإماراتي الذي تفاعل مع الحدث، وغاص في التفاصيل اليومية للحياة البصرية، ونقل أدق الصور عنها. كل هذا كان يتم نقله بطريقة تحمل الكثير من الحب والشوق للبصرة، التي يحمل أهل الخليج في ذاكرتهم عنها الصور المشرقة، حين كانت بلدانهم ما زالت في طور البناء، وكانت البصرة مركز تمدن حضاري لامع.
لهذا، فإن الواجب والمحتوم علينا اليوم، الاستمرار والتكرار في احتضان مثل هذه البطولة، فضلا عن الفعاليات الثقافية والفنية، لأن مثل هذه الفعاليات ستفتح علينا أبواب الاستقرار، وستمنحنا الكثير من المنافع، وخصوصاً أن العراق يمتلك وجهات سياحية وفرصاً استثمارية واعدة يمكنها أن تجلب الفوائد الكبيرة، وتجعلنا نتخلص من النمط الأحادي لمصدر الدخل الذي يعتمد على
النفط.
شكراً كثيراً لكل جهد وتفاعل وتفاؤل شارك في إنجاح خليجي ٢٥. شكراً كثيراً للبصرة لأهل البصرة وهم يحتضنون كل من وطأت قدمه أرضهم بحب ومودة. وتحيا البصرة التي قال خشَّابتها يوماً(أحيا واموت
عالبصرة).