تهدف البنوك المركزية في دول العالم بشكل اساسي الى تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال تحقيق الاستقرار النقدي والمالي وفقاً لبرامجها وستراتيجياتها التي تستهدف المحافظة على الاستقرار في صرف عملاتها المحلية مقابل العملات الاجنبية الاخرى وبناء احتياطيات اجنبية كافية وفقاً لمعايير دولية خاصة يصدرها صندوق النقد الدولي، كما يتم تقييم البنوك استناداً الى معايير اخرى تتعلق بمواجهة الازمات والتحديات والصدمات الاقتصادية والسياسية في بلدانها والسيطرة على معدلات مستقرة لنسب التضخم واسعار الفائدة وتطبيق انظمة وقواعد الامتثال ومكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب.
وقد اثبتت مسيرة البنك المركزي العراقي خلال الاربع سنوات الماضية انه يسير بخطى ثابتة لتحقيق اهداف السياسة النقدية وبنهج ثابت وستراتيجي يعتمد الشفافية والافصاح عن البيانات المالية والتعامل مع المنظمات والمؤسسات المالية الدولية انطلاقاً من الحرص على اعادة الثقة بالتعاملات المصرفية الدولية التي عانى منها العراق قبل 2014 بسبب مخاطر السمعة والاثر الاعلامي السلبي تجاه الاضرار بالاقتصاد العراقي وتسريب بيانات ومعلومات غير دقيقة ومفبركة.
ما ادى بادارة البنك المركزي الى ان ترسم ستراتيجية لخمس سنوات مقبلة كان من ابرز اهدافها الرئيسة والفرعية، اعتماد الشفافية والافصاح محلياً ودولياً عن مسيرة النتائج المتحققة للقطاع المالي والمصرفي والالتزام بالمعايير الدولية القياسية المعمول بها من قبل البنوك العالمية الرصينة، الامر الذي ادى الى بناء علاقة جديدة ومتوازنة مع البنوك والمؤسسات المصرفية الدولية قائمة على الثقة بالبيانات المالية التي يقدمها ويعلن عنها البنك المركزي.
فعلى سبيل المثال اعلن في وقت سابق تقرير تفصيلي بالايرادات والنفقات الدولارية للعراق للسنوات (2005 - 2017) لكون البنك المركزي المستشار المالي للحكومة وهو الذي يدير حسابات وزارة المالية من النقد الاجنبي من صادرات العراق من النفط والذي يشكل المورد الرئيس للعملة الاجنبية ويشكل بحدود 93 بالمئة من مجموع ايرادات الموازنة و65 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي .
لقد اوضح التقرير بشفافية وافصاح عاليين دقة البيانات كايرادات بلغ مجموعها 706 مليارات دولار ونفقات حكومية بلغ مجموعها 703 مليارات دولار والمتبقي تم تحويله كرصيد افتتاحي لوزارة المالية لعام 2018 .
والأمر المهم والاساس في هذا التقرير انه اوضح ابواب النفقات الحكومية خلال السنوات المذكورة والتي تركزت في النفقات التشغيلية بنسبة كبيرة ونفقات الامن والحرب على الارهاب والاستيرادات الحكومية في ضوء العقود التي ابرمتها الوزارات وبشكل خاص الكهرباء والنفط والوزارات الخدمية.
اما النفقات الاستثمارية لم تشكل الا نسبة قليلة قياساً بالنفقات التشغيلية التي احتلت الرواتب والاجور النسبة الاعلى منها، كما يلاحظ ان التقرير يشير بشكل واضح الى ان اعلى الايرادات النفطية المتحققة في العام 2012واعلى انفاق تحقق في عام 2013 وادنى الايرادات تحققت في عام 2016 .
كما ان البنك المركزي يعلن يومياً عن مبيعاته للدولار في نافذة بيع العملة موزعاً على المصارف التي تدخل النافذة وفقاً للتصنيف الخاص بكل مصرف وبافصاح شامل .
يضاف الى ذلك ان المركزي يؤكد دوماً ومن خلال الاجتماع الشهري للقيادات المصرفية على الزام المصارف باعتماد الشفافية والافصاح المستمر وبجميع الوسائل المتاحة عن نتائج اعمالها وبشكل دوري وباعتماد معايير المحاسبة الدولية التي تضمن شفافية البيانات المالية .
فمن كل ذلك نلاحظ ان البنك المركزي بهذه الستراتيجية والنهج يعلن للرأي العام المحلي والدولي مايلي:
1 - ان البيانات الصادرة عنه وعن القطاع المصرفي العراقي تؤكد شفافية وافصاح البنك المركزي العراقي بقيامه ولاول مرة منذ 2003 على الاقل باعلان تقارير معتمدة وشفافة لمجموع الايرادات من العملة الاجنبية ومجموع النفقات من العملة الاجنبية للحكومة وفقاً لابواب الصرف المعتمدة.
2 - ان البيانات الواردة في تقاريره اليومية على موقعه الالكتروني الرسمي تدحض جميع البيانات الاعلامية التي يصرح بها غير المختصين في وسائل الاعلام المختلفة. وبشكل خاص مايخص نافذة بيع العملة.
من خلال تحليلي كمتابع ومختص اعتقد ان افصاح البنك المركزي عن البيانات المالية وبشكل خاص ما يتعلق بالعملة الاجنبية بالدقة المطلوبة سوف يساعد بشكل كبير على اعادة الثقة باقتصادنا الوطني والقطاع المصرفي العراقي محلياً ودولياً لان الافصاح والشفافية والمصداقية سوف ترفع من نسبة الشمول المالي.