تطورات المنطقة مطلع العام.. حربٌ أم سلام؟

آراء 2023/01/23
...

  محمد صالح صادقيان

في خطوة غير مفاجئة أقر البرلمان الأوروبي قرارا وضع الحرس الثوري الإيراني في اللائحة الإرهابية المصنفة أوروبيا. هذا القرار وإن كان غير ملزم للحكومات الأوروبية، إلا أنه وضعه علی طاولة هذه الحكومات ما شكل ضغطاً سياسياً وأمنيا علی الحكومة الإيرانية.

تطورات عدة حدثت خلال الأسابيع القليلة الماضية مطلع العام الجديد لم تكن طهران بعيدة عنها. هذه التطورات بدأت منذ تشكيل رئيس وزراء الكيان نتنياهو حكومته اليمينية المتطرفة، التي دعت رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني إلى كتابة تصور استند فيه إلى معلومات سياسية وأمنية قال فيها أن هناك ترتيبات لقصف أهداف إيرانية وإن المنطقة مقبلة علی أزمة كبيرة وتصعيد عسكري قد يهز الامن والاستقرار فيها، وستكون له عواقب اقتصادية وسياسية واجتماعية وخيمة. 

وكان نتنياهو قد ذكر أنه جهز مخططا لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، وأن حكومته جاهزة لاستهداف هذه المنشآت، في الوقت الذي سربت مصادر الكيان أن نتنياهو سرب لبعض اعضاء وزارته انه قادم لتحقيق هدفين علی صعيد السياسة الخارجية، الأول يتعلق بوقف البرنامج النووي الإيراني بأي وسيلة أو ثمن؛ والثاني بتوسيع خطوات التطبيع مع الدول العربية وتعميقها. 

في المقابل؛ اجری وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبد اللهيان جولة اقليمية قادته للبنان وسوريا وتركيا، حيث التقی كبار المسؤولين، اضافة إلى فعاليات سياسية وجهادية ناشطة في محور المقاومة التي ترعاه طهران.

وفي هذه الأجواء نقل عضو في البرلمان الإيراني أن روسيا سترسل طائرات سوخوي من طراز 35 ومنظومات صاروخية ونظم عسكرية وطائرات هليكوبتر لطهران في النصف الاول من هذا العام.

وفي سياق التطورات عقد اجتماع قمة في ابو ظبي ضمَّ رؤساء وأمراء الاردن؛ مصر؛ قطر؛ عمان والبحرين؛ الهدف كما اعلن تعزيز التضامن والتعاون العربي لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة. 

اضافة إلى هذه المعطيات تواجد مبعوث البيت الابيض لمنطقة غرب اسيا بريت ماكغورك في بغداد، في حين كان فيلق القدس الإيراني اسماعيل قاآني يقوم بزيارة لها. تزامن ذلك مع نفي البعثة الإيرانية لدی منظمة الامم المتحدة خبر لقاء رئيس البعثة سعيد ايرواني مع المبعوث الأميركي روبرت مالي؛ وقالت إن الايرواني يلتقي عديد السياسيين والاكاديميين لكنه لم يلتق المسؤولين الأميركيين.

هذه هي الأجواء التي عشناها خلال الاسبوعيين الاخيرين، وهي بمجملها تتحدث عن تطورات مهمة "قد" تحدث في المنطقة أو يراد منها تسخين ملفات للتضيق علی إيران واستكمال المحاصرة والتلويح بالعصا الغليظة، من اجل تحقيق مصالح واهداف ما زالت عالقة بين طهران وعواصم غربية وإقليمية علی 

حد سواء. 

لا أعتقد أن طهران سوف تهتز عندما يتم وضع حرسها الثوري علی القائمة الارهابية؛ كما لا أعتقد أنها سوف ترتبك أو ترتجف عندما تسمع تهديد نتنياهو. فالوزير الإيراني بعد جولته الاقليمية قال إن فلسطين اليوم من البحر إلى النهر ومن الضفة إلى القطاع أقوی من أي وقت مضی وأن العامل المشترك في كل الحروب العسكرية والاقتصادية التي شنها الكيان علی الشعب الفلسطيني كان النصر للفسلطينيين، والهزيمة للعدو الذي بات يدرك أبعاد المعادلات الجديدة التي تتحرك في الميدان. 

وبشأن الموقف الأوروبي؛ فإنه يتعلق بالمفاوضات النووية والبرنامج الإيراني وما يتم الحديث عن حقوق الانسان فهو بمثابة ذر الرماد في العيون. فلا المرحومة مهسا اميني مهمة للأوروبيين ولا علي رضا اكبري. المهم – كما يقول مسؤول إيراني رفيع المستوی – كيف يمكن تغيير السلوك الإيراني في الإقليم؟ وكيف يمكن ضبط الايقاعات النووية الإيرانية؟ وما مصير كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة؟. 

لا يمكن التقليل من أهمية وخطورة الحرب الغربية المركبة، التي تشن ضد إيران خصوصا ما يتعلق بحقوق الإنسان؛ لكن اذا كان صحيحا انها تحاول استكمال ملفات تستطيع استخدامها في وقت ما لإدانة إيران وإعطاء المشروعية الدولية لأي حرب، يمكن لها أن تقع مع إيران؛ إلا أن الصحيح ايضا أنها تعمل علی تحطيم ما تبقی من ثقة متأرجحة للإيرانيين حيال الاخلاق والسلوك الغربي، ما يجعلهم يبتعدون اكثر عن الوعود الغربية التي لا يرون فيها أي مصداقية؛ لصالح التشدد، الذي ينعكس بشكل غير مباشر علی الامن والاستقرار في المنطقة، بما في ذلك وضع المصالح الأوروبية في اللائحة الارهابية المصنفة إيرانيا اذا ما حاولت الدول الأوروبية وضع الحرس الثوري الذي هو جزء لايتجزأ من القوات المسلحة الإيرانية علی اللائحة الارهابية.

الدول الغربية – يضيف صديقنا المسؤول الإيراني رفيع المستوی – تدرك ان الأمن القومي الإيراني "خط احمر" وأن طهران تملك عديد الأوراق المحلية والاقليمية لتأمين هذا الأمن، وأن سياسة العصا والجزرة التي يستخدمها الغرب، يجب أن تُستبعد لصالح المصالح المشتركة وقاعدة رابح رابح ؛ وماعدا ذلك فإنهم يلعبون بالنار ويحركون الرمال غير المستقرة في منطقة الشرق الوسط. ويسترسل المسؤول الإيراني؛ إن إيران لديها عديد الخطط البديلة وجميعها علی الطاولة. بعضها مفعّل والآخر ينتظر التطورات. بعضها معلن والآخر غير معلن. والأوروبيون أضعف حلقات المواجهة. واذا كان الغربي يتجول الآن في عواصم المنطقة بسيارات مصفحة، فعليه التفكير بركوب ناقلة جنود مصفحة في المستقبل. 

قلت لصديقي هل مسموح لي نقل ما قلته ؟ قال اكتب كل ما سمعته ولا تخف !. أنها المنازلة.. ونحن لها.