وجدان عبدالعزيز
ضغوط وسائل الاتصال الجديدة التي فرضتها ثورة المعلوماتية وشبكة الإنترنت والإعلام الفضائي لها دور كبير في هذا الانتشار السريع للقيم والأفكار الجديدة، وفي تنامي الشعور بأن المجتمعات العربية جزء لا يتجزأ من عالم واحد.
وتصاعد وتيرة الطلب على الانخراط في هذا العالم والمشاركة في معايير الحضارة المدنية الصاعدة.. ومن هنا أصبح التغيير في الانظمة العربية حتميا، ورغم احباطات التغيير في الجسد العربي ورغم دعوات الاصلاح السابقة لهذه المرحلة، إلا أن تبدل الانظمة العربية واندفاع الشعوب نحو التغيير صارا لازمتين للتغييرات الديمقراطية في العالم العربي، ومن هنا تولدت أنظمة ديمقراطية ومنها العراق، والحقيقة بناء الانموذج الديمقراطي العراقي وحمايته، سواء من داخل العراق، أو من خارجه، بات ضرورة محلية واقليمية ودولية تخدم المجتمع الإنساني، ونحن نعول على الدعم الدولي للعراق، كون الأنموذج الديمقراطي العراقي سيحول السلام الهش في المنطقة، والتي توارثته منذ عهد الانظمة الدكتاتورية، إلى سلام دائم وقوي ستعود فائدته على شعوب المنطقة وشعوب جميع الدول، وحتى الدول الكبرى، فالمنطقة التي يتربع العراق مكانة خاصة بها، تنعم بالكثير من الخيرات ومؤداها استمرار الحضارة الحديثة بالنمو، ناهيك أنها لم تستثمر بعد، بسبب تلك الحروب البائسة، والأنموذج العراقي تمكن من امتصاص قوى عدم الاستقرار، وأعاد انتاج نفسه بتركيبة جديدة بعد هزيمة تنظيم داعش والحفاظ على وحدة البلاد، مما يطرح اليوم- وفق فرضية هنتنغتون- امكانية جعل العراق نقطة انطلاق للموجة الرابعة للديمقراطية، وبات النظام الديمقراطي العراقي يدفع باتجاه السلام، بعدأن ذاق ويلات الطائفية المتمثلة بالموجة الداعشية الهمجية الغارقة بالاجرام والقتل، وراح يرتكن إلى المسارات الدستورية في حفظ الهوية الوطنية، كقيمة تحول المجتمع من جماعات عضوية متناحرة إلى مجتمع ذي مؤسسات مدنية ممثلة، (لأن المواطنة في الدولة الديمقراطية، يجب أن تكون عبارة عن عضوية في الدولة تعكس حق التمثل لجماعة أو لعدة جماعات، وان تكون هي القاعدة لحالة حوار بين الجماعات)،.. اذن هذه المعطيات وفرت (للمجتمع الدولي فرصة تاريخية لايجاد حل طويل الأمد لإشكالية الاستقرار في المنطقة تقوم على أساس دعم الأنموذج العراقي على غرار ما حدث في دعم الولايات المتحدة الاميركية لأنموذج المانيا الغربية سابقا- ليواصل مسيرة نجاحه والتي ستساعد بشكل غير مباشر على انتشار الأنموذج الديمقراطي في المنطقة، وفق قواعد نظرية الدومينو، كبديل عن النهج القائم اليوم، والذي يدفع باتجاه الابقاء على النظم الدكتاتورية كثمن للسلام الهش والقصير المدى.)، وما يتطلب للحفاظ على هذا الأنموذج الديمقراطي العراقي، بناء قوة اقتصادية وطنية تتعاطى مع النظام الاقتصادي العالمي، ومن ثم تخفيف سطوة القوى الكبرى على هذه القوة الاقتصادية الوطنية، كي لا تتحكم في اشكال ومخرجات الديمقراطية، حيث تكرس قوة وماكنة دول بعينها، على حساب الدول الاخرى، لتكرس قوة الدول المتقدمة والغنية والمتحكمة في الاقتصاد العالمي، على حساب الدول النامية والفقيرة، والوطنية هنا، تفرض التفكير في آليات بناء نموذج ديمقراطي خاص ومحلي لا يتعارض مع روح الديمقراطية، التي تعني قيم العدالة الاقتصادية، التي تولد العدالة الاجتماعية.. حيث لاسبيل لبناء نموذج ديمقراطي وطني، إلا من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية، وهكذا يستمر التعاطي الإنساني بين المجتمعات الإنسانية عبر مضمون وروح العمل الديمقراطي.. وضمن هذا الاتجاه ويقول برجيفورسكي: (إن الديمقراطية يمكن أن تبقى على قيد الحياة في البلدان الفقيرة، ولكن في ظل ظروف خاصة، أي أن يكون توزيع الدخل فيها قائما على المساواة)، فالركيزة الاساسية في حالة استقرار النظام الديمراطي بناء قاعدة اقتصادية متنامية عبر تعدد الموارد، واعتماد الاستثمار بعد الاستقرار الامني، حيث نصت المادة (25) من الدستور العراقي : (تكفل الدولة اصلاح الاقتصاد العراقي وفق اسس اقتصادية حديثة وبما يضمن استثمار كامل موارده، وتنويع مصادره، وتشجيع القطاع الخاص وتنميته)، ومن ثم وكما أشرنا توزيع الدخل بالتساوي على المواطنين، وفق مبدأ الحقوق والواجبات، وبذلك كفلنا حالة الاستقرار والرخاء وتنامي الأنموذج الديمقراطي العراقي واعتباره مثالاً في المنطقة، فهل نسير بالاتجاه الصحيح، وصحة الأمر هنا محاولة ترسيخ العدالة بكل انواعها الاقتصادية وغيرها.