الخليج سومرياً

آراء 2023/01/26
...

 أحمد حسين


لم أرغب بالكتابة عن موضوع اسم الخليج وما إذا كان عربياً أم فارسياً حتى انتهاء بطولة خليجي 25، التي احتضنتها محافظة البصرة بكرمها وطيبة وأصالتها، من أجل الحيلولة دون أي تأثير سلبي على هذه البطولة بكل المقاييس والمعايير، فلم يكن يعنينا شيئاً سواء نجاح هذا الكرنفال الكروي الجماهيري. أما الآن وقد انتهت البطولة على خير ورفع أسودنا الأبطال كأس النصر، فقد حان وقت الكتابة ولربما لاحقاً أيضاً لأنها صفحة مشرقة في تاريخ الأمة العراقية ولوحة غاية في الجمال من حقنا جميعاً التغزل بجمالها واحترام هويتها.

إذا أرادت بلاد فارس أن تصادر الخليج الذي يربطنا في ما بيننا بمياه دولية مشتركة تجمعنا معها، فعليها مراعاة أن الجغرافية لا تتم مصادرتها عنصرياً، فإذا كان جزء صغير لهذه البلاد يطل على امتداد الخليج منذ أن كانت «وثنية» مروراً بالمجوسية، ووصولاً إلى الإسلامية ومن ثم «الجعفرية»، فعليها أن تفهم أيضاً أن هويتها ليست حكراً على هذه المياه، فهناك ثماني دول عربية الهوية متعددة القوميات والأديان والمذاهب والمشارب تطل وتتصل بهذا الخليج أولها العراق، الذي شق أبناؤه الأوائل السومريون أمواج هذه المياه وأبحروا فيها، وصولاً إلى «دلمون» -البحرين- قبل أن يتعلم الفرس صناعة «مشحوف»، كانت السفن السومرية تبحر في مياه الخليج، لترسو على ضفاف دول باتت تُعرف دولياً بأنها عربية.

ثماني دول عربية يجب أن تتنازل عن هويتها القومية من أجل دولة واحدة، أي عنصرية هذه؟، أنا أعرف أن الدولة الإيرانية ومنذ عهد الشاه الذي أورث لأسلافه هذه العنصرية البغيضة، كانت تعترض على تسمية «الخليج العربي»، لكن الغريب في الأمر أن الجمهورية «الإسلامية» الحالية تحتكم لهذه العنصرية رغم أنها من المفترض ووفقاً للفكر الإسلامي يجب أن تكون عابرة للقوميات والحدود، ومن المفترض أنها «عابرة» لهكذا مفاهيم قبلية و»الحمية الجاهلية».

كذلك أستغرب لماذا لم تعترض الجمهورية «الإسلامية» على تسمية بطولة الخليج العربي في نسخها السابقة بهذه الشدة، وفي النسخة التي احتضنها العراق أقامت الدنيا ولم تقعدها حتى أنها استدعت السفير العراقي لديها وسلمته رسالة احتجاج، كما أن وزير خارجيتها كذب كذبة مخجلة حين قال إن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني- اعتذر عن هذا الخطأ في مقال نشره- رغم أن السوداني لم يعتذر بل أنه بالأساس لم يقل عند افتتاح بطولة خليجي 25 «الخليج العربي» ولم يتطرق لهذه الجزئية القومية في كل تصريحاته وتغريداته، لكن يبدو أن السوداني لم يرق للمزاج «الفارسي»، فاستشاطت طهران من هذه البطولة الرياضية المبهرة الافتتاح من حيث التنظيم، والمتميزة الأداء بالنسبة لأسود الرافدين، والخيالية الكرم والعطاء من قبل أهلنا في البصرة، لذا أرتأت الجارة الشرقية أن تحاول إفشاله واستخدامها كورقة ضغط على الحكومة الجديدة في محاولة لا أرى أي مبرر لها 

حقيقة.

إذا كان هذا الخليج يخضع للأكثرية الدولية فهو عربيٌ بلا نزاع، وإن كان المعيار هو القومية فهو أيضاً عربي بلا نقاش، أما إذا كان المعيار هو من الذي سيطر واستخدم هذه المياه أولاً فالخليج سومري عراقي، فنحن أول من أبحر فيه حين كان الفرس لا يعرفون صناعة زورق وقبل أن تولد دول الخليج العربي.