د.اسماعيل موسى حميدي
انتهت بطولة خليجي (25)، وتفوقت لعبة كرة القدم على لعبة السياسة، وحقق المستطيل الأخضر ما عجزت عنه سنوات طويلة من مراهنات قادة الطوائف وأمراء الحروب، والكأس الذي حمله لاعبو المنتخب يوم 19 - 1 - 2023 لم يكن كأسا رياضيا، إنما هو ريع ثورة شعبية جماهيرية، انفجرت انسانيتها، فقالت للعراق كون فكانت الحياة، بعدما مثلت البطولة بصمة استثنائية استمالت انظار العالم نحوها، وهو ما أعاد للبطولة بريقها وأحيا تاريخها وأعادها إلى الاصل، وعبر بها العراق حاجز العزلة الاقليمية.
وأثبت العراقيون بالدليل العملي القاطع أنهم خلاف ما يصوره الاعلام المغرض عنهم.
هل هذه النجاحات الكثيرة في البطولة سوف تفضي بعائدها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا للعراق وأهله، أم للسياسيين قولتهم في ذلك، وهل ستكون بداية مناسبة للتعامل الإنساني بين العراقيين وأشقائهم الخليجيين، لننتقل إلى مرحلة انفتاح دول الجوار الخليجي أمام العراقيين للزيارة والعلاج والدراسة والاستثمار، بعدما أعطى الكرم العراقي درسا بليغاً عبر عن عزوة ابن الرافدين وحقيقة نفسه المحبة للحياة؟، نعم العراق مؤهل لاستقبال السياح والزوار الخليجيين وتنظيم الكثير من الفعاليات.
لتكون بداية لعملية استثمار طويلة ومتعددة الجوانب وللاعلام الدور المركزي في ذلك.
واقعة البصرة تستدعي انتاج العديد من البرامج السياسية والاعلامية التي تتبناها الدولة بروح جديدة، وبالتعاون مع مؤسسات إعلامية خليجية وعالمية تلقي الضوء على ملاعب العراق ومؤسساته الرياضية وفنادقه وطبيعته ومجتمعه لتسويق العراق، كوجهة للفعاليات الرياضية الإقليمية والقارية ولمختلف الرياضات، وعلى الجهات الرسمية التعاون مع روابط وجمعيات المشجعين لتحقيق حضور جماهيري لائق نوعاً وكماً، ليس في مباريات كرة القدم فقط، وانما في جميع بطولات الألعاب الرياضية الأخرى.
تتسابق الدول لإقامة البطولات الرياضية مهما كان زمنها قصيرا لاستثمارها كمناسبة لتسويق إمكانياتها وتحقيق مكاسب لاحقة، والعراق يجب أن يسير في هذا السياق، وليس معيباً أن يعتمد على مهارات وشركات أجنبية للقيام بهذه المهمة، إذا استوجب الامر ولنعترف بتواضع امكانياتنا في هذا المجال نظرا لتوقف إقامة الفعاليات الكبيرة في بلادنا منذ عقود ولا بأس من الاستعانة بالخبرات الأجنبية، لحين تمكن العراقيين من إدارة وتسويق هذه الأنشطة.