جدل في ‌‌أ‌‌لمانيا بشأن عودة عوائل مجرمي «داعش»

قضايا عربية ودولية 2019/04/08
...

 
برلين / محمد محبوب
 
أعلنت وزارة الخارجية الألمانية وصول الدفعة الأولى من أطفال وزوجات الأرهابيين الدواعش الى مطار شتوتغارت جنوبي البلاد والذين يحملون الجنسية الألمانية، وتم تسليمهم الى أقاربهم المقيمين في المانيا بسرية تامة لغرض حماية الحقوق الشخصية لهم حسب المتحدث باسم وزارة الخارجية، الذي اوضح « وجود دفعات أخرى مازالت تنتظر الترحيل».
 واضاف لدينا ثمانية دواعش ألمان معتقلون في العراق ونقدم لهم خدمات قنصلية خاصة بالمساجين الألمان في الخارج، ومن المفترض أن يتم ترحيل جميع أطفال الدواعش من العراق مع أمهاتهم بعد التشاور مع أقاربهم في ألمانيا بهدف تولي رعاية الأطفال لاحقاً، مؤكداً ان وزارته على صلة مستمرة مع السلطات العراقية.
 
دفعات أخرى تنتظر الترحيل 
وترى الحكومة الألمانية ان الأطفال لا يتحملون مسؤولية أفعال أبائهم وأمهاتهم، والواجب يقضي بحمايتهم من خلال رسم سياسة اجتماعية تضمن لهم الرعاية والاندماج في المجتمع، فقد يكونون عرضة لاضطرابات نفسية بسبب ما عاشوه في مناطق الحروب، وحسب وزارة الخارجية، يتواجد حالياً في كل من سوريا والعراق نحو 270 طفلا مع أمهاتهم يحملون الجنسية الألمانية، ولا تتجاوز أعمار الثلثين منهم ثلاث سنوات.وفي هذا السياق تواجه ألمانيا اليوم، مثل عدة بلدان أوروبية، معضلة عودة  الدواعش الذين قاتلوا في سوريا والعراق وتصفهم تقارير استخباراتية المانية بالقنابل الموقوتة التي تهدد الأمن العام، إذ تقول تلك التقارير إن ما لا يقل عن 1050 من الدواعش الألمان سافروا إلى سوريا والعراق منذ عام 2013، بينما تقدر نسبة العائدين منهم بنحو الثلث. وطالبت كلاوديا دانتشكه الخبيرة الألمانية في مكافحة التطرف باستعادة الدواعش الألمان من سوريا مؤكدة ضرورة إيداعهم السجن هنا في ألمانيا على أن يبقوا طلقاء في سوريا وتركيا، ودعت دانتشكه إلى إنشاء شبكة تواصل بين مكاتب شؤون الشباب والمدارس ورياض الأطفال وبين مكاتب العمل، وحذرت من أن إرهابيي «داعش» الألمان قد يتوجهون إلى التطرف في ألمانيا ومن واجب الحكومة القضاء على خطر التطرف.
دعوة ترامب أربكت أوروبا 
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا الأوروبيين لاستعادة مواطنيهم في سوريا وتقديمهم للعدالة، وهي دعوة اربكت العواصم الأوروبية، حيث تراوحت ردود الفعل بين الرفض والتحفظ، فمن الناحية القانونية المحضة، يحق لكل مواطن ألماني العودة لبلاده، غير أن برلين وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه وسط قلق الرأي العام بعد العمليات الإرهابية التي هزت البلاد في السنوات 
الأخيرة. 
وتدرس الحكومة الألمانية في الوقت الراهن الجوانب القانونية لعودة الدواعش الألمان وسبل تقديمهم الى العدالة، وتقول السلطات المختصة: إنه من الصعب جمع أدلة تثبت تورطهم في أعمال وحشية في مناطق الصراعات، فضلاً عن عدم امتلاك ألمانيا لأي تمثيل قنصلي في سوريا. 
وتشهد ألمانيا سجالا حاداً بشأن كيفية التعامل مع عودة الدواعش من حاملي الجنسية الألمانية الذين اعتقلوا أثناء المعارك في سوريا، وهناك تقاطفات في الرأي حتى بين الوزير الاتحادي ووزراء داخلية الولايات، وتشعر الحكومة الألمانية بالقلق فيما إذا نفذت واشنطن تهديدها بإطلاق سراحهم بعد إتمام انسحاب قواتها من شمال سوريا كما صرحت
 بذلك.
شروط لعودة «الدواعش» 
وأعلن هورست زيهوفر وزير الداخلية الاتحادي والزعيم السابق للحزب الاجتماعي المسيحي عن شروط لعودة المعتقلين «الدواعش» وعائلاتهم إلى ألمانيا، أبرزها عدم وجود شكوك بشأن هوياتهم الشخصية وعدم وجود مخاطر خارجة عن السيطرة في حال عودتهم إلى ألمانيا، فضلاً عن دراسة كل حالة على حدة في المنطقة التي يتواجد فيها المعتقل الألماني قبل صعوده للطائرة، ودعا  يواخيم هيرمان وزير داخلية ولاية بافاريا والقيادي في الحزب الاجتماعي المسيحي الى سحب جوازات السفر من الدواعش الألمان الذين يحملون أكثر من جنسية والذين جرى أسرهم خلال العمليات القتالية، وبمراقبة مكثفة لكل العائدين الذين لا تتوفر أدلة على تورطهم في جرائم يعاقب عليها القانون الألماني، وبعبارة واضحة، فإنه يتعين مراقبة كل عائد لا يدخل السجن مباشرة رغم ان ذلك يعني أعباء اضافية على عاتق أجهزة الامن، وفي حالة توفر أدلة وقرائن على تورط العائد في اي وقت لاحق، فلابد من مثوله فوراً أمام القضاء، وهذا يعني، وفق الوزير البافاري، دخوله السجن على ذمة التحقيق، وينضم توماس شتروبل وزير الداخلية في ولاية بادن ـ فورتمبيرغ بجنوب غرب البلاد وهو من المحافظين في حزب المستشارة ميركل الى الوزير البافاري بالمطالبة بسحب الجنسية الألمانية من الدواعش وترحيلهم الى وطنهم الأصلي، وأوضح الوزير شتروبل «ان من يخدم في جيش غريب عن بلاده، يفقد الجنسية التي يحملها، وهذا يجب أن ينطبق بشكل أساسي على من يخدم في قوة عسكرية إرهابية، كما هو الحال في القتال في صفوف «داعش»، وفي هذا السياق طالب هربرت رويل، وزير داخلية ولاية شمال الراين ويتسفاليا غربي البلاد أكبر ولاية ألمانية من حيث عدد السكان في كلمته أمام مؤتمر الشرطة الأوروبية الذي انعقد في برلين بشأن المقاتلين الرجال، بضرورة جمع المعلومات الاستخباراتية عنهم وبشكل مبكر قبيل البت في ملف عودتهم إلى البلاد لكي يكون ممكناً إدخالهم السجن بشكل سلسل، لكن الوزير يعترف بصعوبة التعامل مع الارهابيين الذين لا توجد أدلة على تورطهم في ارتكاب جرائم في الخارج، ما يعني إطلاق سراحهم. 
 
مراقبة مكثفة لكل من يشكل منهم خطراً
ويذهب أندرياس غايزل وزير داخلية ولاية برلين وهو من الاشتراكيين إلى ما بعد مرحلة المقاضاة القانونية للعائدين الداعشيين، حيث طالب ببرامج تسمح بخروج المتشددين من مسار التشدد الأيديولوجي والعودة إلى مسار المجتمع الاعتيادي، هذا إلى جانب مراقبة مكثفة لكل من يشكل منهم خطراً على الأمن الداخلي أو يتم تصنيفه «بالخطير» أمنياً، أما بوريس بوستوريوس وزير الداخلية في ولاية ساكسونيا السفلى، فقال في تصريح له: إن مراقبة العائدين من ارهابيي»داعش» أمر مزعج للغاية ومجهد ويكلف الكثير من الأموال، لكنه شر لا بد منه لعدم وجود بديل لذلك