تطوير المنهج المدرسي

آراء 2023/01/29
...





 حسين علي الحمداني


يشخص أغلب العاملين في قطاع التربية والتعليم مواطن الخلل، التي يجب معالجتها من أجل الارتقاء بواقع التعليم، بعيدا عما يمكن حصره من مشكلات تتعلق بالبنايات المدرسية، إلا أن هنالك معوقات كثيرة تبدو للمهتمين أكثر حضورا في المشهد التعليمي العراقي القائم على التلقين، لغرض النجاح دون المرور بعملية التعلم، إذ إن التعليم التقليدي السائد يتمثل بمحاولة حفظ المعلومة لغرض الامتحان والحصول على درجة النجاح، دون أن تترسخ في الذهن وتصبح جزءا من ذاكرة المتعلم، وهذه الحالة تقودنا إلى استنتاج أن ما يتم الامتحان به في المرحلة الابتدائية ينتهي مفعوله في المرحلة التالية، وهكذا الأمر لهذا نجد أن نسبة عالية من المهندسين لا يحفظ جدول الضرب ويضطر لاستخدام الحاسبة الصغيرة لاستخراج النتائج، والأمر يتعلق كثيرا بموظفي الحسابات في الدوائر، والسبب في ذلك يكمن في أحد أمرين الأول ذكرناه، وهو عدم حفظ جدول الضرب، والأمر الثاني عدم الثقة بالقدرات الشخصية.

والأمر الآخر الذي يمكن ملاحظته بيسر وسهولة، يتمثل بالأخطاء الإملائية الكثيرة جدا، التي نجدها حتى في المخاطبات الرسمية أو (تهميش المدراء العامين)، مع ضعف واضح جدا في الخط، ناهيك عن المعلومات العامة الأخرى التي تدرس ويتم نسيانها.

هنا نسأل ما هو السبب وما هي الحلول المطلوبة؟ السبب يكمن في المنهج المدرسي في الدراسة الابتدائية، الذي خضع للكثير من التجارب في السنوات الماضية، وتغير المنهج مرات عديدة، والعبرة ليس في تغي ر المناهج، بل العبرة في تطويرها، وهنالك فرق كبير جدا بين التغيير والتطوير، وإذا ما نظرنا إلى سبب عدم حفظ جدول الضرب والأخطاء في الكتابة والنطق غير السليم، يكمن في الأساس الذي يتمثل بالدراسة الابتدائية التي يتخرج منها التلميذ (نصف قارئ)، وهذا ليس ذنبه، بل السبب في طبيعة النظام التعليمي في العراق، الذي لم يتطور بالقدر المناسب، خاصة أن مواضيع قراءة الأول والثاني وحتى الثالث الابتدائي، صممت لعام دراسي يمتد من منتصف أيلول حتى بداية آيار، أي بمعدل أكثر من ستة أشهر بستة أيام دراسية في الإسبوع، وبالتالي يصبح مجموع أيام العام الدراسي حينها بحدود 180 يوما دراسيا، لكننا نجد منذ سنوات ليست بالقليلة أن العام الدراسي أحيانا كثيرة 100 يوم، وبالتالي من الاستحالة إكمال المنهج المدرسي بشكل سليم، خاصة للصفوف الأولى مما يتطلب إعادة النظر بالمنهج نفسه خاصة قراءة الصف الأول الذي على التلميذ أن يتعلم الحروف البالغ عدد 28 مع الحركات الضمة والفتحة والكسرة والتنوين، وبالتالي نجد أن حتى معلم الصف الأول يعجز عن إيصال ما يريده في العام الدراسي الواحد وهذا يقودنا لأن نقترح على المختصين في وزارة التربية إن يصار إلى جعل الصفين الأول والثاني، بمنهج واحد يقسم على سنتين من أجل استيعاب المنهج واتقانه، علما أن في مفهوم التربية والتعليم الحديثة إن الصفوف(الأول والثاني والثالث) مرحلة واحدة بهدف واحد، وهو يتعلم القراءة والكتابة والمعلومات العامة. وبالتالي نجد أن مرحلة تعلم القراءة والكتابة وهي أساسية، لا تتم بعام دراسي واحد، بل تحتاج لأكثر من ذلك وعلى مراحل.