الوقاية خيرٌ من قنطار علاج

آراء 2023/01/29
...

 عصام كاظم جري 

إن ظاهرة انتشار بيع وتعاطي المخدرات في العراق شهدت في الآونة الأخيرة زيادة حادة ومخيفة جدا، وأستطيع القول قد خرج الأمر عن السيطرة، حيث جاء في بيان وزارة الداخلية العراقية “ألقينا القبض على نحو  10  آلاف مروج مخدرات ومتعاط لها في 10 أشهر”.

وهذه أرقام قياسية وغريبة وغير مقبولة أبدا، لقد ذهب بعض المراهقين لتبرير دواعي تعاطي المخدرات، منها المتعة والرفاهية والابتهاج والنشوة والراحة والسهر والاسترخاء مع الأصدقاء وغير الأصدقاء، وعلل بعضهم تعاطيه المخدرات للهروب من الملل، فضلا عن اتساع رقعة البطالة، وهبوط سعر صرف الدينا، ومنها أسباب نفسية ووراثيّة، وبرّر آخرون أن سبب التعاطي يعود لبعض الاضطرابات العائليّة أو الخلافات بين الأهل أو بين الأصدقاء. 

ولتعاطي المخدرات تأثير مغرٍ على المراهقين، ظنا منهم أنها وسيلة للخلاص من همومهم اليومية، التي تواجههم.

وتطوّر مراحل التعاطي يكون أسرع عند المراهقين، ما يؤدي بالتالي إلى اضطراب حواسهم ورؤية بعض الأشياء والأجسام الوهمية والخياليّة حول المتعاطي، وبالتالي يفقد السيطرة على جدولة أشيائه وحاجاته ولحظاته التي يعيشها، وحتما تؤدي المخدرات إلى مضاعفات صحية.

منها الإصابة بالفصام والذهان والجنون والارتياب. 

وتؤثر هذه العقاقير في شعور الشخص بفقدانه السيطرة أو انفصاله عن الاشياء والمجتمع والعالم من حوله، ويسبب التعاطي أيضا إهمال المظهر الخارجي واللامبالاة في العمل والمدرسة والجامعة والتّغيب المستمر وفقدان الشعور بالحركة والتَّحفيز، وضعف الطاقة والقدرة على الاستيعاب، فضلا عن الطلب المستمر للمال، والاستدانة أو السرقة، أوالاعتداء الجنسي، ويسبب ايضا في عدم الإفصاح عن الامكنة التي يرتادها المتعاطي، ويسبب التعاطي أمراضا خطيرة، منها التهاب الكبد الفايروسي والتهاب النسيج الخلويّ، وضيق الجهاز التنفسيّ، وضعف الجهاز المناعي، ويؤثر في الشهية والوزن، ويصيب الجسد بالارتعاش، فضلا عن الرجفة والتعب والاعياء. 

وغياب الوعي، وللعلاج النفسيّ أهمية كبيرة، حيث يساعد على تغيير حياة المتعاطي للمخدرات.

إذا ليكن هدفنا التعاون مع الأجهزة الأمنية لكشف شبكات تهريب وبيع المخدرات، وحثَّ السلطات على بناء مصحات من جهة وضبط الحدود ومكافحة التهريب من جهة أخرى، وليكن هدفنا أيضا مد جسور التعاون مع جميع المؤسسات التي لها علاقة بهذا الشأن من أجل توعية المراهقين والشباب على حد سواء ضد مخاطر المخدرات، ولا نكتفي برفع الشعارات المؤقتة لخدمة الإعلام الزائف، ومن غير المقبول تجاهل الأشخاص الذين تعاطوا المخدرات وتعافوا منها، لا بدّ من التخلي عن المفاهيم القديمة الخاطئة والابتعاد من اقصائهم، ويجب معاملتهم بعدالة، وإنصاف في داخل المجتمع ومساواتهم مع الأخرين، وأخيرا أن عقاب الشباب المراهق لن يحل مشكلة أبدا، بل هو السبب الرئيس في كل المشكلات، التي حدثت وستحدث  مستقبلا. 

وثبتت التجارب مؤخرا أن الإدمان على المخدرات هو مرض، وليس انحرافا في السلوك، مرض ناتح عن استمرارية المتعاطي نفسيًا ومعنويا في تناول المواد المخدرة، ويوما بعد يوم تزداد حالته في التعاطي، ما يسبب إدمان الجسم والعقل معا، وبعدها تبدأ المعاناة مع الأمراض الجسدية والنفسية والاضطرابات الذهنية، لذا العلاج المبكر هو أسرع الحلول للخلاص من الأضرار والمخاطر على مدى الزمن 

البعيد.