حسين الذكر
يقال إن القائد البريطاني الأسطوري ونستون تشرشل التقى وزرائه ونوابه لمناقشة آثار الحرب الكونية الثانية لتقييم الخسائر والانعكاسات على الإمبراطورية.. وعندما احتدم النقاش تحت آثار حرب ضروس فتاكة، أسكت الرئيس تشرشل جميع المتحدثين بسؤال مفاجئ، دعونا نسمع بكلمة واحدة كيف حال وزراتي التربية والعدل.. فأجاب الوزيران المعنيان بأن وزارتيهما بخير.. عند ذاك تنفس الصعداء، والتفت إلى المحتدمين بما حسم المسألة، وانهى الاجتماع قائلا «ما دامت وزارتي التربية والعدل بخير إذن بريطانيا العظمى بخير».
ذكرنا القصة للفائدة ولغاية أهم وتعني ميداننا التعليمي والعدلي.. وفي ما سأترك ملف العدل لوقت آخر فإني أركز على التربية.. فحينما تسمع على سبيل المثال عن معاناة العراقيين في حربهم الضروس مع الظروف، فضلا عن تعليمات الوزارة المعنية ستجد العجب. ففي الوقت الذي تسعى الحكومات وتتفنن لإجبار مواطنيها على التعلم، نجد أن المتقدمين للامتحانات الخارجية، قد بلغوا مئات الآلاف في عموم العراق بصورة تدعو للاسى بدلالة تشير عما بلغه حال التربية والتعليم بسبب التعليمات التي تشجع على التسيب وتمنع التعلم.
سأكتفي بعينية مجتمعية لتتحدث عن حجم المأساة. اذ قال لي أحد الطلاب المتدافعين للحصول على بطاقة السماح له بالامتحان الخارجي «يا أستاذ لقد رسبت بسبب ظروف الإرهاب والطائفية، وسوء الخدمات وشظف العيش والفساد، وما يعانيه العراقيون تحت حكم السلطة، وحينما حاولت اكمال دراستي منعتني الوزارة، بل دفعتني للشارع بكل معنى الكلمة. بحجة بلوغي مرحلة عمرية معينة. رغم أني ما زالت بقمة الشباب، وفي بداية العشرينات وكلي طموح، لكنهم وقفوا عائقا أمام شبابي ودراستي، بل أنهم منعوني حتى من مواصلة الدراسة المسائية، لا بل حتى الأهلية، ولم يتركوا الا الامتحان الخارجي لغاية في نفس صادري التعليمات». لا أريد أضيف اكثر من ان بعض المدارس التجارية لم يعد يهمها مستوى التعليم بقدر دفع الأقساط السنوية. وفي ذلك بلاء عظيم.
نرجو من السادة المسؤولين في الحكومة، لا سيما السيد وزير التربية المحترم وكبار مستشاريه وموظفيه أن يعيدوا النظر فورا بضرورة السماح لطلبتنا بمواصلة الدراسة، ووقف نزف التسيب الشبابي، فإن في ذلك بلاء وشرا مستطيرا على الأمة. ولن يفلت من عقابها المتسبب في الدنيا والاخرة، فضلا عن أوجاع معاناة الضمير.