فَرحَةُ شَعبٌ حيّ

آراء 2023/01/29
...




 زهير الجبوري 


لَمْ تكنْ فرحتنا هذه الأيام بفوز الفريق الوطني الكروي بخليجي 25 سوى انعطافة كبيرة في لملمة جراحاتنا التي تراكمت لعقود، المثير بالأمر أن المسألة ارتبطت بالحس الوجودي للإنسان العراقي الذي شعر في لحظة ما أنَّ الوطن لملمَ جراحاته وزحف الكثير من شبابه وشيوخه إلى الجنوب العراقي، الذي يشع بالضياء وبطيبة أهله، والجنوب مثل أية بقعة في أرض العراق تمتاز بالكرم والطيب، ترى ما الذي جعل الأشياء بين فترة وأخرى، تنقلب رأساً على عقب حين كان الشارع العراقي ملتهبا بالاضطرابات السياسية والتناحر الطائفي.؟ أعتقد أن المسألة مالت وبشكل كبير إلى القرار الذي أراده الشعب (العراقي) حين انتفض وصرخ من أجل عبارة (نريد وطن)، لذا كان علينا نحن أبناء هذا الشعب أن نرسم خطواتنا بإرادة كبيرة ونمضي قدما لصنع الحياة، التي تلائم انساننا الطامح لحياة كريمة، فهو الشعب ذاته الذي ملأ ساحات التظاهرات والاعتصامات، جاء إلى جنوب القلب العراقي (البصرة) ليهتف (بالروح بالدم نفديك يا عراق)، فالشعب عَبَّرَ عن وجوده في خليجي 25، وأعطى درساً للعالم أجمع أن الحياة تنبض أمناً وأماناً، وأن كرة القدم شفرة الفرحة التي اتفق عليها الجميع لأعطاء حق الشروع لهيبة البلد، وكان زميلي مدرس الرياضيات الشاب (أسامة) الذي ذهب من مدينته الحلة إلى بصرة الخير قاطعا مئات الكيلو مترات ليحضر نهائي الخليجي هذا، وكان لأول مرة يدخل فيها مباراة كروية، قال (شعرت وأنا في الملعب أن الجنة التي نسمع بها، وأن روح المواطنة لم تكن ألفاظا، إنما حقيقة ادركناها بحضورنا الذي شمل كل أطياف الشعب)، فاذا كانت بطولة امتدت لأيام قد أفرحت شعباً كاملاً، لماذا لم تُخلق له فرص للعيش برفاهية خيراته؟ ولما لا تُخطط له فرص لشبابه ليبتعد عن خطر الانحراف؟ لماذا لمْ يأخذ حقه في وجود بنى تحتية مثلما هو موجود في باقي الدول التي لا تملك ما نملكه نحن، كل هذه الأسئلة تُطرح دائما وتناقش في وسائل الاتصال، لكن يأسفنا اننا لم نجد الحل، ورغم كل هذا وذاك يتنفض الشعب العراقي من غبار أوجاعه ويرسم لنفسه الفرحة، فنحن شعب حيّ، هذا ما اثبتته رياضة كرة القدم، مثلما أثبتته الفعاليات الثقافية الأخرى كمهرجان بابل الدولي، حين زحف الآلآف من ابناء الشعب إلى مدينة بابل من إحياء الفن والجمال.