أزمة الدينار والدولار.. الحل في بغداد لا في واشنطن

آراء 2023/02/01
...

 عبد الحليم الرهيمي

من المقرر ان يتوجه إلى واشنطن خلال الأيام القليلة القادمة وفد حكومي مالي، يضم وزيرة المالية السيدة طيف سامي ومحافظ البنك المركزي وخبراء ماليين لإجراء محادثات مع نظرائهم الأميركيين، من أجل المساهمة في حل مشكلة انخفاض سعر العملة الوطنية (الدينار) ازاء سعر الدولار الاميركي، وآثاره السلبية على المواطنين العراقيين

وذلك بهدف اقناع الجانب الاميركي بتأجيل الاجراءات التي يتخذها لحل هذه المشكلة لعدة أشهر ذلك الاجراء، في رأي بعض العراقيين والحكومة يمكن أن يخفف – حسب اعتقادهم من الآثار السلبية الناجمة عنه على العراقيين. 

غير أن واشنطن التي اتخذت تلك الاجراءات بهدف المساهمة في حل تلك المشكلة، إنما هي آليات معتمدة لديها ولمعظم دول العالم ومصارفها التي تلجأ اليها في مواجهة حالة مشابهة، وهي تهريب العملات المحلية والدولار إلى خارج تلك البلدان مما يضر ضرراً كبيراً بوضعها المالي والاقتصادي.

وقد عمدت الحكومة الاميركية والجهات المالية المختصة إلى توجيه تنبيهات وتحذيرات مبكرة للجانب العراقي منذ سنوات، خاصة في الفترة الأخيرة بعد تشكيل السوداني لحكومته في أكتوبر الماضي، مطالبة اياها بوضع حد وضبط ما يجري من تهريب غير شرعي للدولار إلى خارج العراق، خاصة إلى ايران وتركيا وسوريا ولبنان واليمن والاردن.. وغيرها، وذلك اما عبر نافذة بيع العملة المشؤومة أو بوسائل اخرى، حيث يتم بيع قسم قليل منها، بينما يباع القسم الاكبر منها إلى التجار المعروفين ومصارف مشبوهة مرتبطة بسياسيين أو جماعات مسلحة تهرب بشكل غير رسمي إلى الخارج، ويتم غسلها وتبييضها وإرسالها إلى الجهات المعنية في تلك الدول.

وبينما لم تستجب الحكومات السابقة للتحذيرات الاميركية، فقد استجابت الحكومة الحالية التي يتراسها السوداني لعدد من الاجراءات التي اتخذتها الجهات الاميركية المعنية بوضع المنصات، واتخاذ عدد آخر من الاجراءات المناسبة التي اسفرت عن خفض قيمة بيع مزاد نافذة العملة، وبلغت ما بين 60 إلى 55 مليون دولار يومياً بعدما كانت قيمة البيع يومياً تبلغ 200 مليون دولار، غير أن تلك الاجراءات لم تدفع الجهات الاميركية المعنية التوقف عن مواصلة اجراءاتها بشكل كامل، الامر الذي أدى إلى استمرار الأزمة من جهة، والى طلب الحكومة العراقية ارسال وفد مالي مختص إلى واشنطن للتفاوض معها، حول امكانية اقناعها لتأجيل هذه الاجراءات لستة اشهر مثلا، من جهة اخرى ورغم أملنا أن توافق واشنطن على هذا المقترح وغيره، لكن الخبراء الماليين المتابعين لذلك لا يرون امكانية واقعية لتحقيق ذلك، الا إذا اتفق الجانبان على وسائل اخرى مناسبة. 

سيتوجه الوفد المالي العراقي قريباً إلى واشنطن تلبية لقرار مجلس الوزراء العراقي لإجراء المفاوضات المطلوبة، واللافت أن بعض الجهات قد طالبت ايضاً بعد ذلك بالتوجه إلى واشنطن، لأن حل الازمة يكمن عندها كما أشار لذلك أحد قادة الاطار، وذلك بعد ان أطلق عدد آخر من قادة الاطار حملة شديدة ضد الولايات المتحدة، وتحميلها مسؤولية الأزمة واتهامها باستخدام الدولار كسلاح ضد الشعوب ومنها الشعب العراقي، الامر الذي يتطلب اقدام العراق على تغيير تعامله بالدولار إلى عملة دولية اخرى وعليه تخليص العراق من هذا الاستعمار للعراق، كما صرح بذلك مسؤولون عديدون من الاطار، وابرزهم السيد هادي العامري. 

هذا التناقض والارتباك في تصريحات قادة الاطار يطرح سؤلاً فيما اذا سيؤثر ذلك على الوفد المالي في واشنطن، رغم الاعتقاد بأن ذلك لن يؤثر في سير المفاوضات المنتظرة التي يحرص الجانبان العراقي والاميركي على نجاحها.

وفضلاً عن كل ذلك فإن حكومة السوداني والجهات المالية والأمنية المعنية أن تتنبه وتحذر من احتمالات عديدة قد تعقّد ازمة هبوط سعر الدينار، وهي احتمالات يجري الحديث عنها بتوجه جهات ودول معينة إلى طبع دولارات ودنانير عراقية مزورة وتوزيعها بين الأسواق العراقية، بما يحط من سعر وقيمة الدينار اكثر فأكثر، وهذا يتطلب اتخاذ الاجراءات الامنية اللازمة وإنزال أشد العقوبات الرادعة بحق من يقوم بطبع هذه العملات أو ترويجها.. وبهذه الاجراءات ونجاح مفاوضات الوفد المالي إلى واشنطن يمكن التمني بانجاح تلك الجهود الساعية إلى حلول حقيقية لهذه الأزمة – المشكلة والقضاء، أو الحد، من آثارها على حياة العراقيين.