محفظة التقاعد الاستثماريَّة

آراء 2023/02/02
...

 حسين رشيد


حسبما يعلن من الجهات الحكومية، والقوى السياسية الداعمة والمؤتلفة في تشكيل الحكومة، إن محاربة الفساد من أهم الاولويات الحكومية، خاصة بعد تداعيات ما يعرف بسرقة القرن، وهناك ثمة دعم معنوي وسياسي وقضائي لهيئة النزاهة تحديدا، وهو أمر يضاعف من مسؤوليتها في المدة الحالية، ويحتم عليها القيام بواجباتها الدستورية والمهنية، كما يحتم على موظفيها والجهات التحقيقة والقضائية استغلال هذا الدعم والتخلص من إرث التخويف والتهديد، الذي كان يمارس في الفترات الماضية، وقد يتلمّس المتابع بعض الخطوات المهمة بهذا الصدد، خاصة في استرجاع المبالغ المسروقة، إذ كشفت تقارير نشر في موقع هيئة النزاهة الالكتروني عن المُخالفات المُرتكبة في فتح "محفظة التقاعد الاستثماريَّة"، التي تشير إلى أن الشركة العالمية للبطاقة الذكيَّة وهيئة التقاعد الوطنيَّة وقَّعا محضراً يتضمَّن قيام هيئة التقاعد الوطنيَّة – صندوق تقاعد مُوظَّفي الدولة بتمويل حسابٍ مصرفيٍّ مفتوح في مصرف الرافدين بعنوان "محفظة التقاعد الاستثماريَّة" بمبلغٍ قدرُهُ (2,250,000,000,000) دينار لتُمْنَح على شكل سلفٍ وقروضٍ من خلال بطاقة الكي كارد، وأنَّ محضر إنشاء المحفظة تمَّ إمضاؤه بصورةٍ مخالفةٍ للقانون، إذ وقَّعه رئيس هيئة التقاعد الوطنيَّة قبل استحصال موافقة مجلس إدارة الهيئة.

وأعلنت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة، أن إجراءاتها التحقيقيَّة الخاصَّة بالمُخالفات المُرتكبة في فتح "محفظة التقاعد الاستثماريَّة" أفضت إلى إعادة مبلغ قدره (1,158,454,330,228) دينار من المبالغ المُتجمِّعة لدى مصرف الرافدين المُستحقَّة إلى هيئة التقاعد، واستحصال الفوائد المُترتِّبة على المحفظة لحساب هيئة التقاعد الوطنيَّة التي حدَّدتها اللجنة المُشتركة المُؤلَّفة من (هيئة التقاعد الوطنيَّة.

ومصرف الرافدين، والشركة العالميَّة للبطاقة الذكيَّة)، والبالغ مقدارها (368,663,151,201) دينار، وأنَّ المبلغ المُتبقّي من أصل مجموع محفظة التقاعد الاستثماريَّـة (542,980,769,771) مليار دينار، وهو قيد التسديد من قبل المقترضين والمستلفين؛ كون المُدَّة الزمنيَّة لانتهاء تسديد كامل أموال محفظة التقاعد الاستثماريَّـة ومطابقة حساباتها تنقضي بتاريخ 2025.

وكانت الهيئة قد كشفت في الثامن عشر من آب الماضي أنَّ إجراءاتها التحقيقيَّة ومُتابعتها لملفِّ قضيَّة الرواتب التقاعديَّة خارج العراق أفضت إلى استعادة (231,352,535,563) مليار دينارٍ إلى خزينة الدولة، التي تمثل المبالغ المُترتّبة بذمَّة الشركة (كي كارد)، منبِّهةً على إمكانيَّة تحديد وجود فائدة جرَّاء استغلال المبالغ لسنواتٍ عدّة من 

تاريخ 2017.

الغريب في الأمر أن التقرير المهم تم حذفه من موقع هيئة النزاهة الالكتروني، وصفحات التواصل الاجتماعي، ما يثير الاستغراب والاستهجان، ويدعو الهيئة إلى توضيح سبب حذف التقرير، إن كان بسبب خطأ تقني، أم إجراء قضائي أم تحقيقي، أم نتيجة ضغط لجهة سياسية يحتمي بها الفاسدون، ويبيّن هذا الأمر أن الكثير مما يعلن عن دعم جهود مكافحة الفساد (هواء في شبك)، خاصة إذا كانت الجهات المتورطة بالفساد مرتبطة بقوى سياسية، وهذا ما يجعلنا لا نفْرط بالتفاؤل، لكن حتما تبقى ثقتنا كبيرة بهيئة النزاهة، وبمتابعة ملف "محفظة التقاعد الاستثماريَّة" الذي لايقل أهمية عن ملف "سرقة 

القرن".