في ذكرى رحيله.. عبد الحسين الحلفي أسير حالة حب غامضة

ثقافة شعبية 2023/02/02
...

 سعد صاحب 


قصائد عبد الحسين الحلفي تحتفي بالحب بطريقة غرائبية، وتنظر له بعين شبه عمياء، وتراه هوساً محبباً إلى النفس المزدحمة، بالهموم والجراح والذنوب والمشاغل، وتجده تهذيباً يشذب الروح، من الحقد والأنانية والبغضاء والغرور، وتعتبره ذوباناً بشخص آخر، لأجله نتنازل عن كل مطلب متاح، وسعادتنا تبقى ناقصة ما لم يشاركنا فيها.


 ويكون حاضراً بما يخصنا، من السرور والأفراح والأعياد والمباهج. (يا ورد الحدايق يا صباح الخير / يا بوسة ندى بخدود كل مشتل / يا لمة احبابي برجعة الغياب / والشافك سكر والشابكك قندل / مر وجهك صبح والزلف نص الليل / شلون الصبح مر والليل ما كمل / ولك يا مدري شنهي وخدك ولايات / وشفافك محطه وريلها 

امعسل).


اضطراب

الشاعر تارة يقدس الحب إلى حد العبادة، وتارة يمقت هذه المشاعر الهزيلة، في حضرة الحبيب الظالم، المتكبر مثل طاغوت بليد، المتغطرس مثل طاووس غبي يدعي الكبرياء، ومرة يبوح بالوجد للمقربين والغرباء والوشاة، ومرة يعلن انكاره والبراءة منه أمام الجميع، ويبقى على هذه الحالة المزرية، متأرجحاً بين الذهاب إلى أقصى الفراق، وبين الرجوع إلى ليالي الوصال الجميلة، يعاني من صداع شديد في الرأس، وألم في القلب، وارتباك في الدورة الدموية والشرايين، واضطراب في الحواس. (أنه وياك كون نموت عشاك / وكون بجفن عاشك من يلفنه / امشي وياي امهرك يم النجوم / واخلي الكمر وياهن يزفنه / نشد زلف بزلف واتمرجح وياي  / ونشد لكلوب  من 

يتعب زلفنه).


سذاجة 

مشكلة الحلفي أنه يحب بقوة، ويندفع بمشاعره المتطرفة إلى أبعد ما يكون، من الانفلات والسذاجة والخيال والجنون والانفعال، مستعذباً نيران الحمى المتأججة في الفؤاد، لأنها تمده بالبقاء والحراك والحضور، راضياً بالعشق القليل الدائم، الشحيح مثل لؤلؤ نادر، والغرام المشتعل يشبه المرض المعدي الخطير، الطاعة فيه حرية مطلقة والموت قرين الحياة. (اعلى غيرك ما نحت ما بيه عالنوح / وعليك شكد حلو يونسني نوحي / وكضيت ازيارتي بس أندعيلك / ونسيت وداعتك أندعي لروحي ).


عيوب 

العاشق في أيام الرخاء، لا يرى في معشوقته السوء والأخطاء والصفات الرديئة، وعند الهجران يكتشف الكثير من العيوب، وكأن الحالة العمومية لأغلب العاشقين، وصف المحبوب بالملاك الطاهر النظيف، وبعد فترة يتم نعته بالشيطان الرجيم، صاحب الامتياز والتخصص بمهارات عديدة، كتدمير الروح ونشر الكراهية والضغينة والاستلاب، وهنا يستحسن إقامة العلاقات الجديدة، والبحث عن بدائل. (لا تصفن تره تنزف الصفنات / وجرح الصفنه ما عاش اليضمده / شوف السده رغم تعارض الماي / بس الماي ظل شابك السده / ردت مده ويه غيرك حتى أنساك / اكو غيرك شفت بس ماكو مده).


هزائم 

الحب لغز مبهم لا يمكن تفسيره، ولوثة تصيب العقل فتجعله وقاداً، أكثر من السابق، وعندما يعيش العاشق الكثير من الهزائم، مع استشراء حالة الصراع النفسي، والسبب يعود إلى عدم التنازل، فالطرف الأول في العلاقة يريد أن يكون عملاقاً في كل الأشياء، والطرف الثاني له كيانه الخاص، لا يقبل الذوبان بسهولة، فهو ليس هزيل الشخصية ولا ضعيفاً، وإن توفير الرفاه المادي لوحده، دون الاحترام المتبادل، لا يضمن حياة ودية ناجحة إلى الأبد. (عده صوتك نشاز باذني اي صوت / وحتى الصرخه منك جنها تغريد / نعم غيرك اكو حلوين وهواي / لجن بس أنته اصلي وهمه 

تقليد).