مذلّة منافذ بيع الدولار

آراء 2023/02/04
...

 بشير خزعل 


وطــأة الأزمــة المتعلقة بتذبذب أسعار صرف الدينار أمام الدولار، أثّرت بشكل سلبي خلال الآونة الأخيرة في ارتفاع معظم السلع والبضائع وتراجع الحركة التجارية، هذه الأزمة تداعياتها السلبية انعكست بشكل مباشر على المواطن العراقي بمختلف شرائحه المتنوعة ومن طبقات اجتماعية متباينة في مستوى دخلها المحدود من كسبة وموظفين


 وانعكس هذا التاثيرعلى حياة الناس، وحتى المقيمن منهم خارج العراق، والمضطرين للسفر لأغراض العلاج أو لأي سبب آخر، وكما في باقي الازمات التي اعتادت أن تذل المواطن، احتكرت بعض المصارف بيع الدولار بالسعر الرسمي للبنك المركزي العراقي، 147 ألف دينار مقابل كل 100 دولار أميركي، وفي مناطق محدودة، في حين يباع بمكاتب الصيرفة بسعر163 أو 162 الف دينار لكل 100 دولار، جموع المتجمهرين منذ ساعات الصباح الباكر امام تلك المصارف، التي تبيع بسعر الصرف للمسافرين الحاملين لوثائق السفر، يبعث على الأسى والعذاب، الذي كتب على المواطن العراقي مع كل أزمة سببها اللصوص من بعض السياسيين والمضاربين بااموال الشعب العراقي، حلول ترقيعية خجولة لاترقى إلى مستوى المعالجة الحقيقة وفوضى عارمة في الازدحام من قبل المضطرين من المواطنين لأغراض تقتضي تعاملهم بالدولار، اما المسافرون فلهم قصة اخرى مع فوضى منفذ بيع الدولار في مطار بغداد، واجراءات الاستنساخات لوثائق السفر، لتجعل المسافر يدخل في اجراءات معاملة ادارية قد تودي إلى احتمال خسارة الرحلة، بسبب الانتظار لحين وصول دوره في طابور الانتظار، في جميع الازمات التي تمر على العراقيين تكون اجراءات الحل أكثر تعقيدا من المشكلة نفسها، فما المانع من الدولة أو الحكومة أن توعز لمصارفها بجميع فروعها أن تبيع الدولار لكل مسافر يحمل وثائق السفر، ولماذا يتم حصر تلك الآلية ببعض المصارف، أو بالأحرى مصرفين أو ثلاثة فقط، ليكون الزخم كبيرا ويبعث على الفوضى ويفتح نافذة جديدة للفساد، أحد المصارف ابتدع طريقة جديدة لسرقة المواطن في الازمة الحالية، وهي أن المصرف لا يستقبل اكثر من 100 اسم يوميا، ولذلك فعلى المسافر الذي يريد ان يشتري الدولار أن يحظر منذ ساعات الفجر الأولى، من اجل تسجيل اسمه لدى الحراس الأمنيين لحجز الدور، وقبل أن يفتح المصرف أبوابه بثلاث ساعات، ومن يأتي متاخرا يمكن أن يدفع رشوة عن طريق سمسار يقف بالقرب من «كراج» وقوف السيارات، حتى يدخل اسمه ضمن الذين سيدخلون إلى المصرف لشراء الدولار، وايضا لا يقبل المصرف أن يبيع الدولار للمسافر اكثر من مرة واحدة، بمعنى لسفرة واحدة فقط، مهزلة أخرى من سلسلة مهازل يعيشها المتضرر الوحيد المواطن العراقي المسكين، حاجة الموازنة العامة للسيولة المالية أو تفعيل آلية جديدة بمنصة مرتبطة بالبنك الفيدرالي الأميركي والنظام المالي العالمي، لا تعني المواطن البسيط الباحث عن استقرار الأسعار في شيء، هذه الفلسفات الاقتصادية والتجاوز عليها من السراق والمهربين مسؤولية الحكومة في توفير الحماية الاقتصادية للمواطن، بدل تركه تحت رحمة سماسرة المصارف الأهلية أو الحكومية، التي تطبق عليه اجراءات ما أنزل الله بها من سلطان لغرض بيع 5000 دولار بسعر الصرف الرسمي وللمسافرين فقط، فلماذا لا تبيع للموظف مبلغ 1000 أو 2000 دولار للموظف شهريا بسعر الصرف الحكومي ايضا ؟ كنوع من حل سريع للازمة؟ قبل اكثر من عامين تلقت إدارة البنك المركزي تبليغات بضرورة تفعيل المنصة، لمعرفة حقيقة الاعتمادات المستندية ومقدار السلع والخدمات المقابلة للتحويلات المالية، بسبب وجــود شبهات لغسيل أمــوال وتدني مؤشرات العراق في تصنيفات مكافحة الفساد، وحذر البنك الفيدرالي من أن استمرار هذا الامر، سيشكل خطرا على الاقتصاد لأنه سينهار، إذا لم تطبق آليات الإصلاح بجدية، لكن البنك المركزي استمر على منواله المعتاد، حتى وقع الضرر بثقله على المواطن، ولم يتأذَ المضاربون والمهربون، بل تضرر بسطاء الناس فقط من موظفين وعمال وكسبة، على الحكومة أن تكون أكثر جدية في اجراءاتها في ما يخص الفساد والإطـاحـة بالمهربين والمـصـارف التي تستقبل الفواتير المــزورة، وغلق الشركات غير المرخصة، لأنها تبيع بسعر أعلى من سعر الصرف الرسمي، الذي يصل الفارق بينهما إلى 11 بالمئة، إلى جانب حماية الموظف والكاسب والمسافر من خلال فتح نوافذ فروع المصارف الحكومية في جميع المناطق السكنية، لشراء الدولار بسعره الرسمي بسلاسة وسهولة، بدل فوضى الزحام والتجمهر امام ابواب بعض المصارف أو داخل صالة مبنى المطار.