الأوكرانيَّة ليسا مودراك: احترق كي يسقط رمادك على الورق

ثقافة 2023/02/05
...

 مهند الكوفي 

ولدت ليسا فيكتورفنا مودراك، في ليجنيكا بولندا 29 نيسان 1985، وهي كاتبة أوكرانية، وأستاذة في فقه اللغة الاوكرانيّة، وكذلك مترجمة عن اللغة الإنجليزية وأيضاً اللغة البولندية. وعضو في الاتحاد الوطني للكتاب الأوكرانيين، والرابطة المستقلة للصحفيين والمجلس العام التابع لوزارة الثقافة، ومستشارة لنائب الشعب الأوكراني تاراس كريمين (2015 - 2019).

تخرجت ليسا فيكتورفنا مودراك من قسم الإبداع الأدبي جامعة تاراس شفتشينكو الوطنية في كييف وحصلت على درجة الدكتوراه في اللغة عن اطروحتها: “الكلمات المثيرة: تفاصيل النوع والتعبيرات- 2014”. عملت كرئيسة للقسم الدولي في المدرسة الدولية للدراسات الأوكرانية التابعة للأكاديمية الوطنية للعلوم في أوكرانيا، كأستاذة في المدرسة الثانوية الإنسانية بجامعة كارولينا الشمالية سميت فيما بعد، ت. شيفتشينكو. محررة أخبار ومقدمة برامج على قناة الإنترن  «Ukrlife TV»، محررة في دور النشر، ومديرة للعديد من الأحداث الأدبية والفنية. تعمل حاليًا باحثة في المعهد العلمي الحكومي دار النشر الموسوعية. أهم مؤلفاتها: “الوحدة العارية”، “تأملات”، “بين لفائف النساء”، “لا غرق في هذا العالم”، “يذوب العالم مثل الحلم” ترجمة إلى الاوكرانية. وترجمت القصائد إلى البولندية، والألمانية، والبيلاروسية، والبلغارية، والإنجليزية، والألبانية، والأذربيجانية، والمقدونية، والفرنسية.

 

*  ليسا فيكتورفنا، هدية الكتابة، عدة صفات مشتتة متناقضة في فينة، ذات ثيمة تحليلية رصينة في فينة أخرى. لا سيما الخيال والشخصية الانطوائية السمة الغالبة على المفكر بشكل عام، كيف بدأ كل شيءٍ معك، عندما وجدتِ تلك الهدية؟ أي تلك الصفات ظهرت فيكِ لأول وهلة؟  

 -إنّها الولادة من الداخل، أشبه بتفاعل الجينات والكروموسوم حرفيًا، اللاوعي من يتحكم بالكتابة ليست اللغة.! إذا أردت أن تعرف تلك الهدية فيك، أنصحك بأشعة سينيّة خاصة لفحص الشعور وذلك الشعور لا يحدث إذا لم يكن الألم، احترق كي يسقط رمادك على الورق. كتبتُ أول قصيدة في سن مبكرة، بعد فقد جدتي، ربما أعطى ذلك الفقد غير المرغوب فيه زخمًا إبداعيًا أكثر جدية. 

 

*  حازت فيكتورفنا على جوائز كثر، أهمها: “تتويج الكلمات- 2004” و “كُتاب الروك - 2015”. هل تعتقدين بمشاركة الكُتاب في المسابقات الأدبية؟ 

-  أضف لذلك العديد من الجوائز الأُخر، ربما لا يهم الفوز في المسابقات وحتى المشاركة؛ لأن كل شيءٍ في حياتنا يتماهى مع النسبية. أشكرك لأنك عرفتني بشخصيتي، مع إيماني بأن يُعرف الكاتب بكتبه. لذا، يجب توفر ثلاثة خصال في الكتابة: الفكرة، العاطفة وردة الفعل، كما هو الحال بالنسبة لي. لكل بلد طريقة في الكتابة -على سبيل المثال- أوكرانيا، يعتمد الكاتب الاوكراني على الأساليب الفكرية والمدارس والمذاهب وكذلك البراغماتية التجارية، هذا ما أراه الآن.! إذا كانت المسابقات سيئة كما يراه المجتمع، فإنّ الدراسات الحديثة تؤكد أن الكتاب المعاصرين في أوكرانيا يحققون الشهرة ليس بسبب الموهبة الشعريّة وإنما الموهبة التواصليّة مع المجتمع! .

 

*  أي كتابٍ ترك انطباعًا فيكِ؟ وأي كاتبٍ لم يتخل عن التأثير في نتاجكِ؟   

- يختبر الأدب القارئ في عدة جوانب: اللفظية، والجمالية، والنفسية، والروحية. لا يمكن لأحد أن يفرض حرية الاختيار المتقبل على الاستمتاع بالتواصل مع عمل فني وحده. الكتاب هو نوع من العلاقة التاريخية مع المؤلف وجها لوجه، مع أبطاله واستعاراته وطاقة الكلمة.. هنا يلعب الدور الرئيس، سحر فك تشفير النص والشعور بطعمه ورائحته. لذلك، قرأت أدبا مختلفا: محليا وأجنبيا على حد سواء. لكل عمل قارئ خاص به، يشعر بأنفاسه، ويصمم نظرته للعالم وعالمه الداخلي على هذا العمل، أو العكس. لا أتعهد بفرض مؤلفي على شخص ما، لأنه عند اختيار كتاب ومؤلفين، وكذلك في الحب، لا أحد مستشار لأي شخص. أحب أن يظل الإحساس بالوقت وصوت الكلمة إعلانا

وحيداً. 

 

*  أي عملٍ أدبي من الآداب العالمية أشغلكِ؟  

- للإجابة عن هذا السؤال، يجب أن يكون لديك ما يكفي من مترجمي الآداب، الذين لم يترجموا النص في مترجم جوجل، والذي لا يلبي دائما احتياجاتي في الوقت الحاضر... لطالما أعجبت بكل من المدرسة البريطانية ومدرسة أمريكا اللاتينية، كما أنني أحب أدب الشعوب الشرقية كثيرا. أما بالنسبة للمجالات الأدبية، فإن الوضع في البلدان الأخرى ليس معروفا لي دائما، ولكن في أوكرانيا العملية المضاءة موجودة بالفعل في ما وراء الحداثة. لذا، أنا أؤمن بأن النص الأدبي الجيد هو المؤلف ذاته!.  من الأفضل أن أُسأل عن الكتب التي لا تشغلني؛ لان الكتب التي تشغلني لا تكفي لمقابلة واحدة حينما أذكرها (فكاهة). من آخر شيء اكتشفته وأعجبني: كلاسيكي غير معروف في الولايات المتحدة، ليري ماكموري، الذي كتب روايات تاريخية للمغامرة، وعلى الرغم من تفاهته، حصل حتى على جائزة بوليتزر.

أدهشتني “الحمامة الوحيدة” ليس فقط بأسلوبها، ولكن أيضا بالمناظر الطبيعية المطعمة بشكل جيد وشخوص العمل. كذلك مع “أنا أمسُك”. 

 

*  أما بالنسبة للوضع الحالي في أوكرانيا، فما هو دور الكاتب الآن برأيك؟ 

 -يجب أن يتحدث العالم عن الحرب، وكل كاتب يفعل ذلك بشكلٍ خاص (من خلال الإبداع والمساهمات الأدبية وكذا الحال مع التطوع، يقاتل العديد من الكتاب الآن في المقدمة). لطالما كان الكتاب رومانسيين وساذجين بعض الشيء في ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والسياسية. في فهمي، يجب أن يكون الأدب صادقا أولا وقبل كل شيء. بطريقة فنية، يمكنها نقل الحقيقة، وهناك دائما أشخاص في المجتمع يؤمنون بالكتب الجيدة أكثر من الشعارات السياسية. لذلك، تحتاج إلى كتابة الكتب ونشرها ودعم المكتبات. لكن، في رأيي، هذا ما لاحظته لنفسي أثناء وجوده في أوروبا، يرى العالم الحرب، لكنه لا يشعر بها، فهو يعيش في كتلة من الأخبار من شاشات التلفزيون وبرامج التواصل عديمة الروح، ويعدها في مرآته المنحنية، حتى عندما يتحدث شهود العيان عنها بالتفصيل بألم ورعب. العالم فخور بنا، ويدعم، ويساعد بالأسلحة والذخيرة والمال والمساعدات الإنسانية، ولكن عندما لم تؤثر الحرب عليك وعلى أسرتك بشكل مباشر، فإنك لا تنظر إلى الدعايات على أنها غضب، بل أنها ألم ذو أبعاد عالمية، ولكن ببساطة كحقيقة تاريخية لا جدال فيها. 

 

* لماذا نكتب؟ 

- الإبداع، هو البحث عن الذات، والكشف عن فرصك الخفية. ربما أكتب للتعرّف على نفسي، والتعرّف على قدراتي الداخلية وقدراتي في مجال الطاقة، والتعرف على مهاراتي

المختلفة.