المخدرات في العراق.. إلى أين؟

آراء 2023/02/07
...

 د. حميد طارش


انتشرت المخدرات كالنار في الهشيم، ولم تفلح منظومة العراق القيمية والقانونية والمؤسساتية في الحد منها أو إيقافها.

الإحصائيات الرسمية عن انتشار المخدرات هائلة ومخيفة وبدت تداعياتها واضحة للعيان، كجرائم غريبة في المجتمع، جرائم بخلاف الفطرة الإنسانية والعقل والمنطق، ولنا أن نتصور، تلك الجرائم التي يندى لها الجبين، قتل الابن لوالديه وإخوانه و قتل الرجل لأفراد أسرته، أو تكون سبباً للانتحار.     

لم ولن تكون ظاهرة المخدرات بمعزل عن ظاهرة الفساد المالي الذي أفسد كل شيء، بل ومنعت تلافي أسباب لجوء الشباب إلى المخدرات!، فالبطالة التي قتلت أحلام الشباب وآمالهم، قضت على تمسكهم بالحياة فهربوا إلى المخدرات والجريمة والإرهاب!، وحتى الأدوات التي من شأنها التنفيس عن حرمان الشباب كمراكز الشباب الرياضية والترفيهية والمكتبات العامة  غائبة تماماً، علماً أن أقل من (1) بالألف، وربما بالمليون، من الأموال المنهوبة كافية لتأمينها لتكون متنفساً للشباب الذين حوّل اليأس مقاهيهم إلى وكر لتعاطي المخدرات.

المخدرات اتسمت بإدانة واسعة على المستوى الدولي والمحلي، كونها بالغة الخطورة، وهي تقتل وتعيق أهم مصادر بناء الدولة وقوتها ألا وهم الشباب. 

وإن البعد الدولي لتلك الجريمة يعتمد على العامل الوطني، أي أن الاتجار بالمخدرات والترويج لها عابران للحدود الجغرافية وعلى الحكومة الوطنية التي تخاف على شبابها من الضياع مراقبة الحدود واعتبار مكافحة المخدرات من المسائل المهمة في تعاونها الدولي والأقليمي وأن تجعل من (تصدير) السموم القاتلة انتهاكاً للتعاون الذي من شأنه التأثير في مسار العلاقات الأخرى بما في ذلك حسن الجوار. 

القانون يكون فاشلاً، بكل تأكيد، وما يترتب عليه، من تشكيل أجهزة لتنفيذه، عند غياب رؤية واضحة لأسباب المشكلة وما تحتاجه لمعالجة تلك الأسباب.

وهذه مشكلة القانون الأزلية عندما يُطلب منه الحل دون تأمين مستلزمات نجاحه، فيكون حبراً على ورق، وهذا ما يؤكده الانتشار الواسع لتعاطي المخدرات ودخولها إلى مناطق يفترض أن تكون محرمة، كما هو الحال في المدارس والجامعات، بل وعبرت لأسوار السجون!.