ثلاثة مليارات دولار فقط

آراء 2023/02/09
...

  حسين رشيد

كحال بقية الصناعات الوطنية الخفيفة والمتوسطة تعرّض قطاع صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية ما بعد نيسان 2003 إلى ضربة قاصمة، عبر فتح باب الاستيراد العشوائي لجميع أنواع الأدوية بمختلف مناشئها ومستوياتها العلاجية التي تدخل نسبة كبيرة منها دون فحص أو تقييم.

كون نافذة الفساد واسعة جداً وتسع لمرور عشرات الشاحنات المحملة بالأدوية المغشوشة أو المنتهية الصلاحية دون أن تُرى.

ثلاثة مليارات دولار حجم الأموال التي يتم بها سنويا استيراد الأدوية عبر المنافذ الرسمية فقط، إذ إن هناك منافذ عديدة لدخول الأدوية بطرق غير شرعية ولا صحية، بعيداً عن أعين الرقابة والمتابعة، فضلا عما ينتج محليا لبعض شركات ومعامل القطاع الخاص التي أخذت تتطوّر، لكن بشكل بطئ جدا، بسبب المنافسة مع المستورد غير الخاضع للرقابة والمتابعة، فضلا عن مضاربات أصحاب المكاتب العلمية والمذاخر غير الرسمية التي يصعب إلى الآن اتخاذ أي إجراء بحقها بسبب محسوبية وولاءات مكاتب الأحزاب الاقتصادية، التي لم تترك مجالاً ربحيّا إلا ودخلته.

من غير شركة سامراء لصناعة الادوية التي تنتج أدوية جيدة لكنها رهينة المخازن بسبب الروتين والفساد، يملك العراق مصنع أدوية نينوى المتوقف عن العمل لما لحق به من دمار أثناء سيطرة داعش على محافظة نينوى، علما أن المصنع منح استثمارا لشركة أدوية أردنية، وحسب المختصين أن المصنع بحاجة إلى 300 مليار دينار عراقي لتأهيله وتطويره، أي ما يعادل 250 مليون دولار، وهو رقم ليس من الصعب تخصيصه في الموازنة المالية للعام 2023.

ويملك العراق نسبة 26 % من أسهم الشركة العربية لصناعة المضادات الحيوية ومستلزماتها "أكاي" بالشراكة مع الأردن والسعودية والكويت ودول أخرى، إذ تعود ملكيتها لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية من أسهم أموال صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، التي يمكن ان تدر أرباحا للخزينة العامة والعمال فضلا عن سد حاجة البلاد من المضادات الحيوية التي باتت مطلبا علاجيا مهما، ما يستوجب العمل على إعادة مصنع نينوى للإنتاج، والبحث عن مصير شركة "أكاي"، وفك القيود عن معمل أدوية سامراء، وفرض شراء منتجاتها الدوائية من قبل المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، مع تقديم تسهيلات للصناعات الدوائية في القطاع الخاص، مع فرض رقابة صارمة على الانتاج، وما يستورد من أدوية تنتج محليا، ويمكن أن تسد الحاجة، عسى أن يدخل العراق بين الدول العربية المصدرة للأدوية بجانب الأردن، الامارات، السعودية، ومصر.