بعد استقامة المسار الشعبي الجزائري في التعبير عن الرأي والاشادة الدولية بتجربته التي حققت مطالبها مؤقتا بعيد استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد عقدين من توليه الحكم، عين البرلمان الجزائري بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) امس الثلاثاء، عبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتا للبلاد لمدة 90 يوما بعد إثبات حالة شغور منصب الرئيس وفقا للدستور. وقاطع جزء من المعارضة مداولات البرلمان إثر رفض الحراك الشعبي شخصية رئيس مجلس الأمة لتولي المرحلة الانتقالية والمطالبة برحيل جميع رموز النظام السابق.
وتعهد الرئيس صالح، بأنه سيسعى إلى تسليم السلطة للشعب سريعا جدا، وقال في كلمه له أمام البرلمان: “فرض علي الواجب الدستوري تحمل مسؤولية ثقيلة من أجل تحقيق تطلعات الشعب”. وأضاف “أتعهد بالوصول في أقرب موعد لإعادة الكلمة للشعب وانتخاب رئيس للجمهورية”. وشدد بن صالح على أنه سيتحمل مسؤولياته، مضيفا “سأعمل على التطبيق الصارم للدستور”. ونقلت قناة “النهار” الجزائرية عن بن صالح قوله “إننا أمام واجب وطني جماعي يملي على الجميع توفير انسب و انجع الظروف لإحاطة الفترة القصيرة القادمة، والإسراع وتدشين مرحلة جديدة في حياة الأمة عبر الاختيار الديمقراطي للشعب الجزائري وتقرير مصيره”. كما توجه بالشكر للشعب الجزائري ولأعضاء البرلمان بمختلف توجهاتهم على ما يقدمونه في سبيل خدمة الوطن والشعب. وتابع “التحية والتقدير لكل المؤسسات وهيئة الدولة التي تؤدي دورها، وعلى رأسها الجيش الوطني وكافة أسلاك الأمن”. وكان البرلمان الجزائري بغرفتيه قد أعلن، في وقت سابق شغور منصب رئيس الجمهورية بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه في الثاني من نيسان الجاري. وترأس الجلسة البرلمانية رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ، ويساعده رئيس الغرفة السفلى معاذ بوشارب ، وتتضمن أخذ علم بإخطار المجلس الدستوري الذي يقضي بشغور منصب الرئيس، لكنها غير ملزمة بالمصادقة على القرار من عدمه. وتم بعد الجلسة نقل صلاحية رئاسة الدولة إلى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ،وفقا لما تنص عليه الفقرة الرابعة من المادة 102 من الدستور. جدير بالذكر ان حركة مجتمع السلم، التي دعمت بوتفليقة حتى انسحابها من التحالف الرئاسي في 2012، قررت مقاطعة جلسة البرلمان معتبرة حضورها “تثبيتا تلقائيا للسيد عبد القادر بن صالح كرئيس للدولة وهو موقف مخالف لمطالب الشعب المعبر عنه بوضوح في الحراك”. وأضاف الحزب الإسلامي الأكبر والمعارض الأبرز في البرلمان (34 نائبا من أصل 462) أن “جلسة البرلمان شكلية” بما أن “استقالة الرئيس نهائية بأحكام الدستور”.
قوانين دستورية
وبحسب صحيفة “المجاهد” الحكومية، فان الرئيس الانتقالي الذي سيتم تعيينه بمصادقة ثلثي أعضاء البرلمان لا يمكنه خلال الفترتين المنصوص عليهما في المادتين 102 و103 من الدستور تطبيق الأحكام المنصوص عليها في الفقرتين 7 و8 من المادة 91 والمواد 93 و142 و147 و154 و155 و208 و210 و211 من الدستور.
بحسب هذه المواد، فإن رئيس الدولة لا يتمتع بنفس صلاحيات رئيس الجمهورية، خاصة في ما يتعلق بتعيين أعضاء الحكومة وحق إصدار العفو وحق تخفيض العقوبات أو استبدالها واستشارة الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق الاستفتاء.
كما لا يتمتع بصلاحية حل المجلس الشعبي الوطني ولا تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة ولا مراجعة الدستور، غير أن رئيس الدولة يمكنه وبشروط تفعيل المواد 105 و108 و109 المتعلقة بإقرار حالة الطوارئ أو الحصار لمدة معينة أو إعلان الحرب، وفقا للصحيفة. وأعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استقالته من منصب رئيس البلاد الثلاثاء الماضي، بعد موجة من الاحتجاجات الواسعة ضد حكمه انطلقت في 22 شباط الماضي، تبعها إقرار المجلس الدستوري الجزائري، بشغور منصب رئيس الجمهورية. ويعاني بوتفليقة (81 عاما) منذ نيسان 2013 وعكة صحية وجلطة دماغية ألمت به جعلته غير قادر على السير أو الظهور في معظم المناسبات السياسية.
تظاهرات جزائرية
وفي سياق تحقيق المطالب الشعبية ذكرت وسائل إعلام جزائرية أن عددا من التظاهرات خرجت، احتجاجا على تعيين رئيس البرلمان الجزائري عبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتا للبلاد.
وأفادت صحيفة “الخبر” الجزائرية بأن شرائح المتظاهرين شملت طلبة وأساتذة جامعات وكليات ولاية قالمة بشمال شرقي البلاد، وبأعداد كبيرة جابت شوارع المدينة رافضين بن صالح رئيسا للبلاد، وذلك باعتباره من ضمن قادة نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
الحزب الحاكم في الجزائر
الى ذلك اجتمع أعضاء اللجنة المركزية للحزب الحاكم في الجزائر، ، لإقرار شغور منصب الأمين العام للحزب وتعيين العضو الأكبر سنا ليترأس دورة استثنائية لانتخاب أمين عام جديد. وأفادت مصادر في اللجنة المركزية بأن “هيئة التنسيق المؤقتة” التابعة للحزب الحاكم في الجزائر، التي يرأسها، معاذ بوشارب، “كيان وبدعة لا أساس لها في القوانين المنظمة للحزب ولا شرعية لها”.
وكان ممثلون عن هذه الهيئة قد تقدموا بدعوى قضائية ضد القيادة الحالية ممثلة في هيئة التسيير المؤقتة، التي أسندت رئاستها في وقت سابق لرئيس البرلمان، معاذ بوشارب، عقب قرار اتخذه الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة بصفته رئيسا للحزب الحاكم يقضي بحل كل هياكل الحزب على غرار المكتب السياسي واللجنة المركزية وتنصيب معاذ بوشارب منسقا لهيئة مؤقتة لإدارة الحزب الحاكم.
وتسارع القيادة الحالية للحزب لعقد مؤتمر استثنائي لتصحيح الأوضاع نهاية نيسان الجاري، في وقت يعاني فيه الحزب منذ سنوات أزمة شرعية تلاحق مؤسساته، ما تسبب في شروخ وانقسامات أفرزت نزاعات بين فرقاء كثر. إلى ذلك أعلن “التجمع الوطني الديمقراطي”، ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحاكم، في وقت سابق، تعليق عضوية رئيس الوزراء الجزائري السابق، أحمد أويحيى، في المجلس الولائي للعاصمة، مطالبا إياه بالاستقالة من منصب الأمين العام للحزب.