العراق في محيطه العربي

آراء 2023/02/11
...





 كاظم الحسن                                                                                         

عند ذكر هذه العلاقات، بطبيعة الحال، سوف يكون المحيط الاقليمي حاضرا لايمكن تجاهله ونعني الدول الأجنبية، مثل تركيا وايران، ولقد فطن الداهية الباشا نوري سعيد الى ذلك، وتولدت فكرة حلف بغداد، من أجل كسب هذه الدول وغيرها، بدلا من خلق معادة ضارة وخاسرة وكان ضمن توجهه وأفكاره، إقامة علاقة قوية مع الدول الكبرى، لتكون مصدَّاً للعراق من اطماع 

خارجية. 

بعد زوال العهد الملكي رمز استقرار البلد والذي كان يتزعم المنطقة، حلت الفوضى وانحدر دور العراق الاقليمي والعربي وتاه وسط أمواج التدخل الخارجي والحروب المتسلسلة، التي أغرقته في غياهب العزلة والحصار، حتى اكتسب سمعة سيئة وانتقل من الجواز الذهبي الملكي، الى جواز الدول الفاشلة، النفط مقابل الغذاء والدواء رحلة مريرة، تكبدها الشعب، مع بلطجية البعث ومع عسكر، أفقهم لا يتجاوز الثكنة العسكرية أي إهمال تام للعامل الخارجي وكان أحد قادة انقلاب او (ثورة) او تغيير تموز 1958م الذي لم تطأ قدمه أرض دولة أجنبية، في سياحة او علاج او توطيد علاقات مع الخارج، هو الزعيم الاوحد، الذي لا يفقه شيئا في السياسة الخارجية.

اما الاخر يقول (اني مو مال القاء خطب جيبولي دبابة اسوي انقلاب)، ولنا أن نتخيل حال مستقبل العراق في محيطه العربي والاقليمي، الذي تحول الى ساحة صراع دولية على «البقرة الحلوب»، التي ما عادت تعيش 

لأهلها.

ما نريد قوله هنا، ان العراق لا يحتمل نزاعات او صراعات او حروب لا داخلية ولا خارجية ويكفيه الذي مرَّ به، من دمار وخراب وفيه من الثروات البشرية والطبيعية، ما يجعله ان يكون سيد المنطقة، كما كان، لا تابعا لهذا الطرف او ذاك ويخوض معارك بالوكالة او الانابة، بشكل فاضح وسافر، من دون شعور بالحياء او 

الخجل.

سياسة الحياد والاستقلال ضرورة وطنية وقومية وانسانية، لأنها تعلي من شأن الفرد العراقي ويكون سيد نفسه وهو بحاجة، الى فترة نقاهة «ونفاهة» كما يشدو الفنان سعدي البياتي (زماني مانطه لروحي نفاهة، ويكول ابو المثل الزمان للجرح نفاهة) أي هنا الزمان السلبي، يكون بالضد من مستقبل الانسان، لذلك ليس امام العراق، سوى النهوض من كبوته وان طالت عليه، فلا بد ان يصح الصحيح ويتلمس طريقه وسط منزلقات السياسة ومساراتها المهلكة، التي كانت تفضي الى صراعات، لا معنى لها ولا تستحق، إراقة الدماء والثروات وتعطيل التنمية والبناء والعمران والازدهار وفيه من مقومات النهضة العمرانية، ما يكفي ويزيد، لو توجه الى مصالحه المشروعة ونأى بنفسه، عن سياسة المحاور والتكتلات، التي تضعف دوره ويكون رهينة بيد الآخرين وهو أكبر من ذلك بكثير، إلّا إذا كان قادته يشعرون بالدونيّة وعدم الثقة بالنفس ويرتضون استعبادهم وذلهم، لقوى أحرى بهم ان يكونوا أنداداً لها ورفعتهم بالوفاء لبلدهم والارتقاء به، الى ذرى 

المجد.