حسب الله يحيى
يخطئ المسؤول ـ ليس مسؤولاً بعينه ـ عندما يعتمد على رأي مكتبه الخاص، أو مدير ادارة ومالية منافق، أو حارس يتولى مهام عامل الخدمات، ويخطئ المسؤول عندما يتخذ قرارات عاجلة، اعتمادا على وشاية، أو معلومة خالية من الدقة والامانة، ويخطئ المسؤول عندما يرتدي قناع الخشونة والصرامة،معتقدا ان المسؤولية تقتضي القوة، بينما القوة تكمن في حكمة القرار وعدالته لا في الاندفاعات السريعة والمواقف الغاضبة.
ويخطئ المسؤول ايضا عندما يتبين أن قراراته العاجلة التي اتخذها خاطئة، ولا غطاء قانونيا لها، ومع ذلك يصر عليها، من دون أن يعالج الموقف الخاطئ الذي اتخذه تحت ضغوط من حوله من الوشاة،
أخطاء المسؤول كثيرة، وأسبابها كثيرة كذلك، والكثرة هنا دليل على أن الجهل بطبيعة المسؤولية اكبر حجما مما يتولاها.
وإذا كان خطأ الموظف الصغير إداريا، صغيرا بالضرورة بسبب البداية المبكرة في العمل، إلا إن حجم خطأ المسؤول فادحة أكثر من ذاك الموظف الصغير، لأن عمل المسؤول يعني ادارة مجتمع وأن أي خطأ يقع على رقبة فرد أو أفراد، فإن المسؤول معني به، بوصفه يعبر عن ارادة الجماعة.
المسؤول ينبغي ألا يحكمه مزاج أو رغبة عابرة، أو اجراء اناني، ذلك أن اي اجراء يتخذه، يعد قراراً من يمثل ارادة المجتمع، التي يفترض أن يصونها ويرعاها ويمثلها ويجسدها هذا المسؤول؛ بوصفه راعي مصالح المجتمع، لا مصالحه الشخصية الانانية.
فهل تصور المسؤول حقيقة الواقع الذي يشغله، وهل تبين ان عمله، عمل قيادي، يتحمل مسؤولية ما يتخذه من قرارات باسم المجتمع؟.
هذه الصورة غائبة عن المسؤول الذي تحركه أهواؤه، والمريدون من حوله، وليست خبرته ومعرفته وحكمته التي لا يعرف أبجدياتها الأولى، فكيف سيكون الامر بتفاصيل العمل الأخرى؟.
والأكثر غرابة ان الموظف البسيط موقعا، يخضع لدورة زمنية محددة، لكي يتم ترفيعه إلى درجة وظيفية اعلى، بينما يتم السكوت عن مسؤوليه ـ وليس مسؤولا واحداـ والذين تمَّ تعينهم على وفق الولاء أو المحاصصة أو القرابة أو العلاقات العامة أو، أو،.
إذاً، كيف نريد للعمل أن يرتقي، والمسؤول لا يسأل عن أخطائه وعثراته وفساده وجهله واخفاقاته ـ إلا في حالات نادرة يتم بعدها غلق ملفه ـ ليشغل بعد اذن موقع أعلى مكافأة له على إخفاقه وفشله وسلوكه الجائر ازاء الموظفين وازاء فشله في ادارة العمل.
إن تراكم الأخطاء التي نتلمسها ونعيشها ونحتمل تبعاتها في حياتنا اليومية، سواء في هذه الدائرة أو تلك المؤسسة أو هذه الوزارة، تراكمات من شأنها أن تصبح عصية على الحل، ومن شأنها أن تلحق أضرارا في طبيعة العمل وفي حياة العاملين.
فمن المسؤول عن معالجة هذه الأخطاء بعد أن تكون سببا في الدمار والخراب، نتيجة لجهل مستحكم، أو اجراءات تخلو من العدالة، أو أمزجة انانية، في وقت يتمتع فيه المسؤول بحصانة الوظيفة التي لا يصونها مثل هذا المسؤول.
إن ما نشهده في الحياة الوظيفية، يكمن في انعدام الخبرة والوعي اللذين يفترض أن يحكما المسؤول الذي يقود العمل في هذا الموقع أو ذاك، من دون انتظار لتراكم الاخطاء، وتراكم الظلم على العاملين، فمثل هذا الانتظار، قد يلحق أضرارا مضاعفة، وقد يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها.
فهل سنظل نغفر للمسؤول أخطائه، بينما نحاكم من هم في السلم الوظيفي الادنى، اعتمادا على مسؤول تحركه سكرتيرة فاتنة ومنافق ضال وذليل يمسح الاكتاف؟!.