حسن العاني
لم يتعرف العراقيون على مفردة (إكسباير) إلا بعد (2003)، وبغض النظر عن وصولها إلينا في ما وصل من حمولة الدبابات الأميركية، ولكنها – والحق يقال – مفردة حضارية معاصرة لا يستغني عنها العالم المتمدن، واليوم يعرف الجميع حتى ملايين المتسربين من مدارسنا، أن هذه الكلمة الأجنبية يقصد بها (انتهاء المدة)، أي أن مدة صلاحية هذا المنتوج أو هذه البضاعة قد انتهت، سواء كانت البضاعة صناعية أو دوائية، واستعمالها محذور وقد يؤدي إلى حالات مرضية لا يستبعد أن تؤدي إلى الموت.. هذه هي الفائدة الأولى التي آمل من المواطنين الكرام أن يأخذوا بها، وهي نصيحة لوجه الله! منذ اقترابي من عالم الصحافة في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي، ثم عملي المباشر في أروقتها عام (1970)، وأنا مقتنع بفكرة صحفية لم أتخل عنها، وكلما طرحتها على مجموعة من أقرب زملائي الصحفيين أسكتوني وشتموني (بالميانة)، ومنعوني من طرحها، والأمر الغريب حقاً أن هذا الاعتراض على الفكرة ورفضها، لم يتغير منذ أكثر من ستة عقود، فقد واجهوني به في أيام (تكميم الأفواه) ومنعنا من حقنا في حرية التعبير والديمقراطية والرأي الآخر، ثم واجهوني بصورة أعنف أيام (انشقت أفواهنا) من الديمقراطية وحرية التعبير!. فكرتي بسيطة وتخدم العمل الصحفي ومفادها: عدم السماح للصحفي – باستثناء الصحفيات- عند القدوم إلى عمله، وعند مغادرته الدوام، باستعمال مركبته (الشخصية) أو مركبة (المطبوع) الذي يعمل فيه – مع أن الجرائد تخلتْ عن خطوط النقل لمنتسبيها بعد الارتفاع العظيم في واردات النفط – وعليه الاعتماد على مركبات (النقل العام) حتى يكون مع الركاب وعموم الناس، يسمع منهم ويطلع على آرائهم وعلى الحياة الحقيقية للمجتمع.. طوال عمري وأنا أطبق هذه القاعدة، وأشهد أنها قدمت لي من الفوائد ما لم تستطع فضائيات المعارضة ولا فضائيات الحكومة ولا الفضائيات المنافقة تقديم عُشرهِ!. آخر ما سمعته قبل أقل من سنة كان حواراً ممتعاً وغريباً بين عدد من الركاب، إذ اقترح أحدهم تشكيل لجنة خبراء تضم (40) شخصاً عراقي الانتماء والشعور والهوى، مشهوداً لهم بالعلم والكفاءة والنزاهة والاستقلال والتاريخ المشرف، تتولى اختيار المرشحين إلى الرئاسات والوزارات والمناصب التنفيذية العليا، وذلك بعد دراسة مستفيضة لشخصياتهم، وهل هم عراقيون بالجنسية أو عراقيون بحب الوطن وخدمته، وكل من لا يصلح ترفضه، أما إذا كان قد تولى أية مسؤولية من قبل وفشل فيها فتكتب أمام اسمه (اكسباير) لأن أضراره تكون مضاعفة.. وبإماكنها إنجاز هذه المهمة في عشرة أيام بدلاً من عشرة أشهر!. فاتني التذكير بأن هذه هي الفائدة الثانية.