بغداد: نوارة محمد
تركت هيفاء طبق حلوى الشعريّة على منضدة الزينة ونزلت مسرعة لتفتح الباب لشاب بسيط الهيئة جاء على دراجة نارية لتوصيل علبة مغلفة بورق لماع تحتوي على مواد تجميل. اعتذر الشاب لأنه تأخر لمدة ساعة وحجته كانت الزحام. عادت هيفاء إلى غرفتها وفتحت العلبة مستعملة مقصاً بينما الفرحة تغمرها لكن تعابير وجهها سرعان ما انطفأت وهي تتفحص أدوات التجميل التي بان عليها القدم ولا تشبه تلك التي شاهدتها على صفحة "الكوزمتك في الفيس بوك".
مع الإقبال على التسوق الإلكتروني الذي ارتفع إلى حدٍّ غير مسبوق في الآونة الأخيرة ظهرت الحاجة إلى خدمات التوصيل، ومع تضخّم التجارة الإلكترونية وجدت العديد من شركات التوصيل ذاتها أمام تحديات كبيرة وهي تواكب التدفق غير المسبوق للعالم الرقمي.
أحمد الذي اختار يوم الخميس موعداً لسفره وجد نفسه في موقف حرج فقد اعتذرت شركة التوصيل عن تسليمه طرد الحذاء الجلد من ماركة "ميريل" الذي طلبه قبل أربعة أيام وكان يفترض أن يصله قبل يومين، وأبلغته الشركة أن الطرد سيصله السبت، ولكن أحمد سافر مساء الخميس والشركة لم ترد على اتصالاته المتكررة.
براعة سائقي التوصيل في تجهيز الطلبات ضعفت في الآونة الأخيرة بسبب فشلهم في تقدير الوقت وعدم الالتزام في المواعيد رغم أن ميزة التوصيل السريع واحدة من أهم مقومات نجاح المشاريع الإلكترونية، إلا أن كثيرين لم يدركوا أهمية هذا بعد. بهاء كامل أحد تجار العالم الإلكتروني للألبسة النسائية التركية ومؤسس تطبيق "هيبو" للتسوق عبر الإنترنت يقول: إن "التوجه الرقمي المتزايد جعل التعامل مع الزبون أكثر تعقيداً مما كان عليه، لا سيما أن كثيرين ممن امتهنوا هذا العمل تعاملوا بأساليب غير مهنية"، مشيراً إلى أهمية توخي الحذر في الشراء والتسوق عبر الإنترنت لا سيما أن الشبكة العنكبوتية أتاحت الفرصة لأصحاب المواقع الوهمية وغير الموثوق بها والتي تعمل على طرح عروض مغشوشة وتخفيضات خيالية لجذب العملاء، تجعل المواطن فريسة سهلة للنصب والاحتيال".
ويتابع أن "التعاقد مع شركات التوصيل أحد أهم أسس خطط النجاح، إذ يجب توفير طاقم من موظفي خدمة العملاء للرد على الاستفسارات سريعًا، والإبلاغ عن موعد وصول الطلبات للعملاء ويعد هذا بمثابة ضمان نجاح المشروع أياً كان."
وفي وقت سابق تداولت الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي انتعاش منصات التسوق الإلكتروني واللجوء لهذا العالم إلى حد غير متوقع، لاسيما بعد جائحة كورونا، إذ نشرت صحيفة Sky News Arabia، أن التجارة الإلكترونية انتعشت وأن خدمة الطلبات الخارجية التي تعتبر السبيل الوحيد للتسوق والشراء، باتت أكثر تطوراً من قبل. هذا التأكيد لا يمت بصلة للواقع في العراق، إذ إن منصات الشراء تتعامل مع هواة وهؤلاء ينشطون في استغفال الزبون ويعملون على مبدأ المزاج ولا يطمحون إلى تطوير أعمالهم وجعلها مربحة.