توضيح التباس القراءة

العراق 2023/02/19
...

أحمد عبد الحسين



التقرير الذي نشرته الصباح في عدد أمس والذي حمل عنوان "استطلاع: هل سيحلّ إقليم كردستان؟" أثار ردود فعل من قبل قوى كردية سببها العنوان اللافتُ الذي هو في الحقيقة عنوان استطلاع أجراه "المركز الأكاديمي للاستفتاء والتحليل". 

نتفهّم عميقاً أسباب الشعور بالاستياء الذي يرافق فتح ملفات حرجة كهذه، لكننا نعتقد أن الغاضبين لو كلّفوا أنفسهم قراءة التقرير كاملاً وعدم الاكتفاء بالعنوان "الذي هو مجرد تساؤل" لعرفوا أنّ التقرير اشتمل على إيراد مختلف الآراء الموافقة والمعارضة لنتيجة الاستفتاء الذي قام به المركز البحثي المذكور.

تقتضي المهنية الصحفيّة أن يكون كل تقرير مستوعباً لكل رأي ممكن يتعلق بالموضوع المطروح، وهذا ما فعله الزميل كاتب التقرير حرفياً، فكما نقل رأي المركز وخلاصة استفتائه، نقل أيضاً آراء مختصين قالوا بوضوح أنّ هذه الخلاصة لا يعتدّ بها، مثال ذلك تصريح الكاتب سامام داود الذي قال ما نصه :"موضوع حلّ الإقليم ليس بالأمر السهل فالكرد لن يفرِّطوا في ما حصلوا عليه بسهولة وهذا استحقاقهم القومي" وتابع "أغلبية المواطنين في كردستان ينتمون إلى الحزبين  الرئيسين وهذا يجعل الأغلبية يرفضون نتيجة الاستفتاء المذكور".

اللافت أنّ هذا الرأي الذي يقف بالضدّ من الاستفتاء ونتيجته يعترف في الوقت نفسه بأنّ السؤال الذي حمله العنوان مطروح الآن من قبل قوى كردية معارضة في الإقليم، فقال ما نصه :"مسألة حل الإقليم تأتي من قبل أطراف معارضة في كردستان وتحديداً في مدينة السليمانية وهم ليسوا بالندّ للحزبين الحاكمين في كردستان العراق".

كنا نتمنى لو أنّ بيان حكومة الإقليم أخذ في حسبانه التفريق الضروري بين ما نشره مركز الدراسات و متابعة "الصباح" له، برغم أن تقرير الصباح تضمّن آراء تخالف خلاصة الاستفتاء جملة وتفصيلاً. وأحسب أن هذه سمة لافتة في تعاطي البعض من الساسة العراقيين عرباً وكرداً مع العمل الإعلاميّ، فهم لسببٍ ما يستكثرون على الصحافة العراقية تناول الملفات التي يرونها حساسة حتى لو كان التناول غاية في المهنية، بينما يتقبلون برحابة صدر ما يُنشر في الصحافة العالمية عن ذات الملفات وبدرجة أكبر من الحدّة وبكفاءة مهنية أقلّ.

الغريب في الأمر أن تقرير المركز نفسه نشرته صحف عربية "كصحيفة العرب اللندنية" لكنه مرّ مرور الكرام، وهذا يؤشر ذات العلة التي ترى في الصحافة العراقية غير مؤهلة لمتابعة أسئلة حرجة في الشأن السياسيّ والاكتفاء بما يرضي الفاعلين السياسيين الكبار.

من بديهيات العمل الصحفيّ أن الرأي الذي ينقل على لسان متحدث لا يمثل رأي الصحيفة ولا تتبناه بالضرورة، ومن نافل القول أيضاً أنّ إقليم كردستان جزء أساس وعزيز من الدولة العراقية تكويناً وجغرافيا ومصيراً مشتركاً، وليس وارداً السماح بأية إساءة لشعب كردستان وممثليه السياسيين. ومن قرأ تقرير الصباح أمس يعرف أنّ لم يتضمن ما يسيء إلى هذه الثوابت وأن أبواب الصباح مفتوحة لكل رد من قبل حكومة الإقليم وقواه السياسية.