كارثة الزلازل.. بين الطبيعة والانسان

آراء 2023/02/21
...

  سعاد الجزائري

 

المصائب تجمع البشر بغض النظر عن الفوارق والحدود الجغرافية وحتى الخلافات السياسية والاجتماعية، والزلزال الأخير أكد أن المواقف الانسانية هي العلم الذي يلتقي تحت لوائه البشرية جمعاء.

هذا الحدث له أسبابه الطبيعية، أو ربما تجاوز وتدخل الانسان في سيرورة الطبيعة وعرقلة مسيرتها مما يضر بها وبالبشر بالتالي، فبين ليلة وضحاها أصبحت آلاف من الأسر السورية والتركية بدون مأوى ولا مصدر عيش. 

وبين ليلة وضحاها فقدت تلك الآلاف ما بنته وجمعته طوال حياتها، وانتهى بها المطاف لأن تنتظر معونة أو مساعدة تلك الدولة أو هذه المؤسسة، وتكدست في أماكن الأيواء المؤقت انتظارا لمصير غير معلوم.

سألت صديقتي السورية عن جهات أمينة وموثوقة لنرسل تبرعاتنا عن طريقهم، لكنها سردت لي العجب عن المتاجرة وسرقة المعونات وبيعها للعوائل المنكوبة، أو بيعها في السوق، كما أن بعض قوافل التبرعات تم اعتراضها وسرقتها.

أي نذالة تقود هؤلاء إلى سحق الجروح بأقدام الشر؟ وأي ضمير يحمله الانسان الذي يسرق ملابس المعونات، ويترك عظام الاطفال والشيوخ ترتجف أمام قسوة البرد ووجع النكبة التي يعيشها هؤلاء؟

تجار النذالة يتوفرون بكثرة في زمن فقد الانسان فيه ضميره ومشاعره، ليكتنز المال من مصائب وويلات الاخرين، لذا فالامر يستوجب وقوف عام لمراقبتهم وكشفهم وإتخاذ أقسى العقوبات بحقهم.

وبمواجهة خسّة المتاجرة بآلام المنكوبين.

بالمقابل هناك الملايين من المتطوعين والمتبرعين سواء على صعيد الدول أو المؤسسات وحتى الأفراد، وهذا هو الجوهر الحقيقي للانسان.

وسط هذا الخراب والموت والامل المهزوز، نشرت بعض البوستات التي تطرح موضوع خزن المياه وحجبها عن العراق وأثر ذلك على النشاط الزلزالي، هذا الرأي الذي تقول بعض الاراء المتخصصة أنه بعيد عن المفهوم العلمي، لكني لا أجد صحة طرحه في ظل مأساة هزت العالم بأجمعه، وحتى لو صحت المعلومة فعلى الرغم من الضرر الذي لحق بنا جراء حجب المياه، فأن هول مأساة الزلزال أكبر بكثير، علينا أن نتعامل كبشر وسط ضجيج المآسي، ولا نزيد الملح على الجروح، بل علينا أن لا نقابل الخطأ برد فعل أكثر هولا وأذى، فالذي تضرر من الزلزال أسر من اطفال ونساء وشيوخ، وهم بالعراء تحت قسوة برد الطبيعة وشراستها التي، انتزعت حياة الآلاف من ذويهم خلال دقائق.

أن هذا الحدث المهول ذكرني بموضوع جدير بالأهتمام والمراقبة الدقيقة، لأننا نشهد الآن حملة انفجارية في بناء مجمعات سكنية، لأن تحليل وتبييض الأموال، إضافة إلى الاستثمار الحقيقي يتجه الآن إلى هذا النوع من (البزنس)، وبما أنه هناك سباقاً في بناء المجمعات، لذا يفتقد الكثير منها إلى الجودة في أعمال البناء وصلاحية أو جودة المواد المستخدمة، فبعض هذه المجمعات تفتقد للمتانة والامان وعدم توفر وسائل الانقاذ في حالة حدوث الازمات، كالزلازل، الحرائق، فالكثير منها مثلا يفتقد إلى سلم الطوارئ سبيلا للانقاذ، أو غيره من مستلزمات الأمانة، فعدا عن الاختلاسات والتلاعب الذي حصل، لا توجد رقابة على سلامة وصلاحية هذه المباني، والزلزال الذي حصل، ضرب ناقوس الخطر حول تلك النقطة، لأن الكثير من ساكني هذه المجمعات يشكون من عيوب تبدأ من تسرب المياه من طابق لآخر، أو خلل متواصل بالتوصيل الكهربائي مما قد يؤدي إلى حرائق خاصة في بلد معلول أصلا كهربائيا، وغيرها من النواقص...

أسرع البنايات سقوطا في حال حدوث زلزال هي الأقدم أو التي تفتقر للجودة في مواد وعملية البناء، حتى وإن كانت حديثة، لأن السبق في إنهاء العمارة بأي شكل كان فوق الضمير والذمة.