مؤتمر الأمن في ميونخ

قضايا عربية ودولية 2023/02/21
...

علي حسن الفواز



تسييس الأمن قد يكون أبرز مظاهر حوارات القادة الغربيين في مؤتمر ميونخ للأمن، وبما لا يدع مجالاً للشك بأنَّ هذا التوظيف السياسي سينعكس على ما يجري في جبهات الحرب الروسيَّة الأوكرانية، أو في الحوارات القلقة مع الصين، فغياب روسيا عن المؤتمر أتاح لدول الغرب أن تمارس لعبتها المفتوحة على ترسيم حدود السياسة والأمن والاقتصاد، وأن تربط أزمة العالم بـ"الصدمة الأمنية" التي صنعها الرئيس الروسي بوتين في أوكرانيا، وحتى وجود الصين في المؤتمر، لم يكن بدافع التغيير، وبالحرص على عالمية الخطر الأمني، بل بدافع وضع الصين في الزاوية الحرجة، وصياغة رأي عام يؤشر عدم خضوع الهاجس الأمني إلى التوصيفات الغربية المجردة..

الالتزام بدعم أوكرانيا في الحرب، كان خياراً واضحاً، ومشاركة الرئيس الأوكراني في أعمال المؤتمر عن طريق "الفيديو" كانت موقفاً علنياً إزاء السياسة الأمنية الروسية، وأنَّ التصفيق الحار الذي حظيت به كلمته، أثار تعاطفاً من النوع التراجيدي، إذ طالب فيها بالحصول على المزيد من المساعدات العسكرية، والإسراع بقبول "دولته" في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، رغم أنَّ الواقع السياسي والعسكري الذي تعيشه أوكرانيا ملتبس، وباعث على المزيد من القلق الأوروبي، وقد يكون الأقرب إلى "ورطة أوروبية" من الصعب الفكاك منها، والدخول في معركة مفتوحة مع روسيا، أو حتى تزويد أوكرانيا بأسلحة فائقة الخطورة، قد تستهدف الأراضي الروسية، وتُدخل أوروبا والعالم في حربٍ غير محسوبة النتائج.

التغاير الحاد في المواقف الأوروبية، كشف عنه الرئيس الفرنسي ماكرون، إذ أشار إلى عدم جديَّة الحوار مع روسيا، لأنَّ الرئيس بوتين قد اختار الحرب، ولأهدافٍ تتجاوز المناطق الأربع المختلف على انضمامها إلى روسيا، وبالتالي فإنَّ أوروبا ستدافع عن نفسها، وتقطع الطريق على أي رهان للانتصار الروسي في الحرب، فدعا إلى مساعدة أوكرانيا في فرض شروطها التفاوضية، عبر دعمها التسليحي والسياسي، مثلما دعا المستشار الألماني شولتز إلى توسيع قاعدة المساعدات التسليحية لأوكرانيا بتزويدها بالأسلحة الدقيقة، ومنها الدبابات التي تحتاج الموافقة عليها إلى مواقف جماعية من دول الغرب.