محمد شريف أبو ميسم
كان لأزمة الدولار صولة أضرت بحركة السوق، في وقت كنا فيه نراقب معالجات ملفي الفقر والأيدي العاملة العاطلة عن العمل على وفق ما جاء في البرنامج الحكومي.
عبر تنشيط بيئة الأعمال وتشجع الاستثمار بجوار ما تعمل عليه الحكومة الحالية بشأن دعم الطبقات الفقيرة عبر شبكة الرعاية الاجتماعية وبرنامج البطاقة التموينية.
ثم جاءت المعالجة بخفض سعر الصرف الرسمي إلى 1320 ديناراً للدولار الواحد، أملا باستقرار سعر السوق الموازي، تمهيدا لدعم بيئة الاستثمار وتحديدا منه "الاستثمار الأجنبي المباشر" الذي ينظر لثبات سعر الصرف وقياس القوة الشرائية للعملة المحلية، مثلما ينظر إلى البنى الهيكلية للاقتصاد بوصفها ميزة جاذبة مثل توفر الطرق، والاتصالات، وخدمات الكهرباء في بيئة قانونية تنتظم فيها علاقات السوق وتأخذ ملامحها من وضع أمني مستقر وجهاز تنفيذي خالٍ من الفساد والبيروقراطية وقائم على استخدام التقانات لاختزال حلقات الترهل في الأداء
المؤسسي.
وبين هذا وذاك، فإن ثمة مؤشرا يعتمده المستثمر الأجنبي لقياس ضمان الربحية وفق حسابات الجدوى المالية، يرتكز على حساب كلفة الوحدة المنتجة مقارنة بمثيلتها المستوردة، اذ يبحث المستثمر عن بيئة أعمال تكون فيها كلف الانتاج أقل من نظيراتها أو تعادلها، كأن يتمتع بإعفاءات ضريبية، وبوفرة مصادر الخامات الرخيصة، وانخفاض أسعار الأيدي العاملة، وكل هذا يقاس في بيئة أعمال تعتمد تحرير سعر الصرف وتتمتع بالاستقرار النقدي، ما يعني أن بدون تحرير واستقرار سعر الصرف فان من المستبعد استدراج الاستثمار
الأجنبي.
ومن الطريف أن يستخدم سعر ساندويش الهمبركر لتبسيط نظرية سعر الصرف وجعلها أكثر قابلية للفهم لدى الناس، وقد استخدمت هذه الفكرة المبسطة لأول مرة من قبل مجلة "الإيكونوميست" الأميركية في 1986 بالاعتماد على القوة الشرائية لساندويش ماكدونالدز "بيج ماك" بين الدول لقياس أداء العملات، فاذا كان سعر هذا الساندويش الشهير في بغداد بنحو خمسة آلاف دينار مثلا، وسعر صرف الدولار 1320 ديناراً للدولار الواحد، فان سعر الساندويش 3.8 دولار، وبالمقارنة مع سعره البالغ 5.4 دولار في الولايات المتحدة، فان نسبة انخفاض القيمة الحقيقية للعملة العراقية عن الدولار الأمريكي حوالي 30 بالمئة، وهذه النسبة تشكل 396 دينارا للدولار الواحد، وحين تجمع مع سعر الصرف الرسمي يكون سعر الصرف المفترض الذي يتناسب مع المستثمر الأجنبي 1716 دينارا لكل دولار أو أكثر.
ومع ان مؤشر ساندويش"بيج ماك" لا يعد مقياسا دقيقا في حسابات الجدوى المالية جراء التفاوت في تكاليف صناعة هذا النوع من الطعام، تبعا لتفاوت تكاليف الأيدي العاملة والتسويق والضرائب وسواها، إلا أنه يعطينا فكرة متواضعة لفهم سر تدخل الآخرين واهتمامهم بسعر الصرف المحلي.