طالب سعدون
قد يبدو هذا العنوان غريبا، لكنه الحقيقة وخلاصة بحوث ودراسات لبيان قوة الانسان التدميرية ضد نفسه وتفوق ما تملكه الفايروسات والأمراض من قوة هائلة قد تبدو أكبر منه، وهي دعوة أيضا للانسان بأن يراعي ما على الارض من مخلوقات وفي المقدمة نفسه..
فالفايروسات والأمراض على خطورتها يمكن السيطرة عليها والتخلص منها، لكن هل يمكن السيطرة على الإنسان؟! وهناك أمثلة كثيرة، كان آخرها فايروس كورونا الذي ضعفت قوته كثيرا أو هو في طريقه إلى النهاية أو يستمر كأمراض أخرى تتعرض لها شعوب كثيرة بين فترة وأخرى بنسب متفاوتة كالكوليرا والملاريا وغيرهما، أي أنها تختفي وتعود حسب مستوى الخدمات والرعاية والتطور في البلاد، لكن الإنسان في تطور مستمر في بحوثه التدميرية والتسابق مع نفسه في القوة والتفنن في قتل نفسه بمختلف الاسلحة والوسائل التدميرية..
أما الطبيعة فقد طوعها الانسان لصالحه، لكنها تخرج كثيرا عن سيطرته وتحدث كوارث مدمرة لا يمكن التحكم بها لأنها خارج قدرته، رغم التقدم التكنلوجي الهائل والتعاون الانساني لمواجهتها كالزلازل والبراكين والفيضانات والعواصف والاعاصير والموجات الحارة والباردة، وكان آخرها الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا وراح ضحيته الآلاف من البشر وتدمير مادي ونفسي كبيرين.
ولهذا تنطلق صيحات ودعوات استغاثة باستمرار من علماء ومتخصصين وباحثين ومفكرين تحذر من (عبثية الانسان) وفعلها التدميري.. فالبروفسور (توبي أورد) الاستاذ في جامعة أوكسفورد البريطانية توصل بعد حسابات رياضية إلى أن انهيار الحضارة لأسباب طبيعية أقل بكثير من المخاطر، التي يسببها الإنسان، فالوباء الفيروسي على سبيل المثال يهدد الحضارات بنسبة 1 من 6 فقط، بينما يمثل انفجار بركان عظيم بانقراضها نسبة 1 من 10 آلاف، بينما كانت المخاطر من الانسان أكبر بكثير، وتمثل 1 من 1000 على الاكثر، كحرب نووية أو احتدام حالة تغير المناخ، ثم 1 من كل 30 في حالة الوباء المتعمد، يليها 1 من كل 10 باستخدام الذكاء الاصطناعي الخارج على السيطرة، الذي عده أخطر من الاوبئة وقد يشكل مخاطر جدية في الخمسين سنة المقبلة، ومع ذلك لا يزال البشر غير مدركين لهذه الحالة وبالكاد يستثمرون في الوقاية منها فينفقون كل عام على (الايس كريم) أكثر من منع التقنيات الجديدة من تدميرنا على حد تعبيره....
ويحذر (توبي أورد) من مخاطرالذكاء الاصطناعي المزدوجة كما في الطاقة النووية، فهي لها استخدامات جيدة ومدمرة معا.. ويتوصل في مقابلة مع صحيفة استرالية نقلتها (العربية نت) إلى أن الفايروسات لا تشكل سببا للانقراض، بالرغم من أنها يمكن أن تكون مدمرة للغاية، ويدلل على ذلك بمحافظة البشر على بقائهم مع وجود الاوبئة منذ عشرات آلاف السنين..
من ذلك يخلص إلى أن (عبثية الانسان) وممارساته الخطيرة الأخرى، كالعنف والارهاب والحروب وغيرها من الوسائل عندما تتملكه (شهوة) التدمير والخراب لتحقيق منافع ذاتية، لها انعكاسات خطيرة على الطبيعة والبيئة ونفسه، وتدمير ما بناه من صروح ومعالم حضارية كثيرة.