مهاجرو البحر

قضايا عربية ودولية 2023/02/23
...

مازال الهروب عبر البحر حلماً، ورغبةً في البحث عن الحرية، فرغم كلّ سياسات الحدِّ من الهجرة غير الشرعية، وإجراءات غلق الحدود، فإن المهاجرين يواصلون "عنادهم" في مواجهة الصعاب، والمغامرة بالحياة من أجل الوصول إلى "أوروبا" التي باتت تنظر إلى اولئك المهاجرين وكأنهم هاربون من كوكب آخر على وشك الانهيار.

إجراءات الأمم المتحدة لم تزل قاصرة في معالجة أسباب الهجرات، وفي الضغط على الحكومات للتعاطي الإنساني مع مشكلاتها الاقتصادية والنفسية، وحتى السياسية، لأنَّ أغلب المهاجرين يأتون من بلدان تعاني من صراعات أهلية، ومن أزمات اقتصادية وأمنية، لكن الأخطر في تلك الهجرات يكمن في استغلالها من قبل عصابات "البحر" وتجار الشر، والذين لهم علاقات مع جهات دولية نافذة.

العثور على جثث "18" مهاجراً غير شرعي داخل شاحنة في بلغاريا، أثار أسئلة بشأن الاستغلال البشع لهؤلاء المهاجرين، وعن ضعف الإجراءات التي تتبعها دول متعددة، ومنها أوروبية، في مكافحة تجارة المهاجرين، ولما يتعرضون له من ممارسات لا إنسانية، فضلاً عن مايجري في البحر من استغلال فاضح لهجرات متواصلة، فقد تمكن خفر السواحل التونسيين الأسبوع الماضي من انقاذ 423 مهاجراً في ليلة واحدة بعد غرق مركبهم السيئ الصنع، مع إحباط أكثر من 16 عملية اجتياز للحدود كما ورد في نشرة الحرس الوطني التونسي.

مايتعرّض له هؤلاء المهاجرون لايقل بشاعة عن مايجري في الحروب الأهلية، فهم يتعرضون للابتزاز، وللخطف والتعذيب، مثلما يواجهون مصائر مجهولة عند وصولهم إلى حدود الدول الأوروبية،  حيث لا وجود إلى المأوى وحيث الإجبار على العيش في ظروف صعبة، ووسط مناخ قاس، وظروف غير صحية، ورغم ماتقدمه بعض المنظمات الإنسانية من جهود لانقاذ المهاجرين وتأمين بعض الخدمات الصحية والايوائية، فإن موضوع الهجرة غير الشرعية يظل موضوعاً خطيراً، يكشف عن كثير من المشكلات السياسية والقانونية والحقوقية، وعن ما يرافقه من معاملة عنصرية يتعرضون لها من حرس الحدود، فضلاً عن العزل والإهمال الصحي، والقتل أحياناً، وهو ما تُخفي أسراره تقارير الجهات المعنية في الدول الأوروبية، وذلك ما يتقاطع مع القانون الدولي الإنساني وقانون اللاجئين.