كيف أصبح العالم يقفز على مشروبات الطاقة؟

علوم وتكنلوجيا 2023/02/23
...

 ترجمة: ثريا جواد

يدفع البالغون والأطفال بعضهم البعض للاستيلاء على أكبر عدد ممكن من زجاجات (مشروب الطاقة)، الأمر الذي يدفع للتساؤل: كيف أصبح العالم يقفز بشكل كبير على هذه المشروبات؟.. إنها صناعة عالمية بمليارات الدولارات وتمثل انتعاشاً حيوياً للعاملين في اقتصاد الوظائف المؤقتة، حيث أصبحت عبادة بين المراهقين، ولكن ما الذي تفعله هذه العلامات التجارية السكرية التي غالباً ما تكون شديدة الذكورة لمن يشربها؟

شيء غريب يحدث في عالم مشروبات الطاقة.. هذه الخلطات - المشروبات الغازية التي تدعي أنها تعزز الفاعلية والإنتاجية كانت موجودة بشكل أو بآخر منذ  فترة الأربعينيات، لكن لم يسبق لهم إن كانت مثل هذه الرغبة الشديدة في شرائها بشكل متكرر من بعض المتاجر ومحلات السوبر ماركت، وكذلك تخصيص خزانات تبريد كاملة لأسماء وحدها يمكن أن تجعلك تشعر بالضيق: مونستر، ريلنتليس وروك ستار، بوست، تايجر وغريناد وغيرها. 

لقد تراجع سوق المشروبات الغازية السكرية أخيراً في العديد من البلدان، حيث أصبح المستهلكون أكثر وعياً بآثار السكر على الصحة، ومع ذلك لا تزال مبيعات مشروبات الطاقة ترتفع بسرعة سنويا حيث باعت شركة (ريد بول) الرائدة في السوق حوالي 11.582 مليار علبة على مستوى العالم في العام 2022 مقارنة بـ 4 مليارات علبة في العام 2011. 

ووفقًا لـ (غروسر) شهدت (ريد بول( ارتفاع إجمالي إيراداتها في المملكة المتحدة بنسبة 19 بالمئة في العام 2021 إلى 414.7 مليون جنيه إسترليني.  

وفي غضون ثلاثة أشهر وصلت مبيعات برايم إلى أكثر من 10 ملايين دولار في جميع أنحاء العالم، وكانت هناك مشاهد مثيرة في محلات السوبر ماركت في المملكة المتحدة، وخير مثال على ذلك الهستيريا التي حدثت حول مشروب الطاقة برايم هايدريشن الذي تم إطلاقه خلال بث على الانستجرام في 4 كانون الثاني من العام 2022، حين شارك فيه كل من النجمين لوغان بول ومغني الراب أولاتونجي المعروف باسم كي إس آي على وسائل التواصل الاجتماعي واتفق المشاهدون على توقع رؤية الثنائي يقومان بآخر سلسلة من مباريات الملاكمة، التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، وبدلاً من ذلك أعلنا أنهما "لم يعدا منافسين" ولكنهما اجتمعا معاً كمبدعين مشاركين لشركة مشروبات  والأعلان عن علامة تجارية جديدة لمشروبات الطاقة الجديد تسمى (برايم) منخفض السعرات الحرارية سيكون متاحاً في الولايات المتحدة أولاً قبل التوسع في النهاية إلى أوروبا وفي غضون ثلاثة أشهر فقط. 

وبحلول نهاية شهر آذار من العام 2022 وصلت مبيعات برايم إلى أكثر من 10 ملايين دولار في جميع أنحاء العالم، وفي كانون الأول قيل أن هناك مشاهد "مذبحة" في الفروع البريطانية لـ Aldi بعد أن بدأ السوبر ماركت بيع مشروب الطاقة برايم هايدريشن حيث اقتصر العملاء على زجاجة واحدة من كل نكهة لكن شوهد الكبار والأطفال يدفعون بعضهم البعض ويتجولون في المتاجر لاكتساح أكبر عدد ممكن من الزجاجات مقابل 2 جنيه إسترليني لكل منهما.

ربما يعتقد معجبو مشروب الطاقة برايم أنه سيجعلهم يشعرون برطوبة إضافية بطريقة عميقة، ولكن غير محددة تمامًا ويفتخر الملصق بأنه "مع النكهات الجريئة التي تروي العطش للمساعدة على الانتعاش والتجديد والتزود بالوقود" لذلك فإن برايم هو الدفعة المثالية لكل مسعى.

وكانت الإكسيرات والمقويات من نوع آخر موجودة منذ قرون، ولكن يبدو أن أول مشروب طاقة حقيقي كان شيئًا يُدعى دكتور إينوف وهو من ابتكار كيميائي من شيكاغو (ومشروب طاقة نظرًا لأنه يحتوي في تجسيده الأول على الكوكايين، وكذلك الكافيين). وكانت النسخة الأصلية للدكتور إينوف عبارة عن مشروب بنكهة الليمون، ومثل معظم مشروبات الطاقة اليوم فأن مكوناته الأساسية بصرف النظر عن الماء هي السكر والكافيين والفيتامينات. 

وفي اليابان أصبحت مشروبات الطاقة جزءا من الثقافة. وأول مشروب طاقة ياباني كان يبوفيتان بيع لأول مرة في العام 1962 وأدعت الإعلانات أنه سيساعد في "التعب الجسدي وقلة الشهية، ونقص التغذية، والحمى، والإرهاق. 

وفي الثمانينيات بقيادة العلامة التجارية ريجان، والتي شهدت دخول مجموعة جديدة كاملة من المنتجات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين إلى السوق على عكس علب مونستر العملاقة سعة 500 مل في المتاجر البريطانية اليوم. ويأتي مشروب جينكي الياباني الكلاسيكي في عبوات صغيرة بسعة 50 مل أو 100 مل  لتسويق نفسها على أنها دفعة إنتاجية سريعة وتباع في المقام الأول للموظفين.

يقول جيمس روبرسون عالم أنثروبولوجيا درس مشروبات الطاقة كأحد جوانب الأفكار اليابانية بعد الحرب حول الذكورة: إن مشروبات جينكي يتم تسويقها باستمرار مع الوعد الضمني بأنها ستمنح الرجال "إرادة قتالية لا تنضب" وجسم عضلي قوي تم تسويق مشروب (يبوفيتان) لأول مرة تحت شعار (لنذهب مع القتال) وقد عرضت إعلاناتها بانتظام رياضيين أو ممثلين ذوي عضلات عالية يشاركون في نوع من الجرأة والخطورة في الهواء الطلق.

وجدت دراسة أجرتها جامعة أكرون نُشرت في مجلة (علم النفس الصحي) أن الرجال الذين يشترون بشكل شامل مشروبات الطاقة كانوا أكثر عرضة لشرب المزيد منها، وبالتالي أكثر عرضة للمعاناة من أنماط نوم متقطعة، وبالتالي ينتهي به الأمر أقل نشاطًا ويعانون باستمرار من مستويات أعلى من القلق والتوتر من أولئك الذين لا يفعلون واقترحت حكومة المملكة المتحدة فرض حظر على مشروبات الطاقة للشباب، بعد مراجعة الأدلة التي وجدت أنه عند الأطفال يرتبط الاستهلاك المرتفع بالصداع، ومشكلات النوم، والتركيز، وفي حالات نادرة  قصور القلب، وتبين أن ربع الأطفال البريطانيين الذين يتناولون مشروبات الطاقة يستهلكون ثلاثة أو أكثر في الجلسة، لكن بعد أكثر من ثلاث سنوات- أي بعد تراجع الصناعة- على ما يبدو تم تعليق الحظر بهدوء وعلى الرغم من أن المتاجر الكبرى فرضت حظراً طوعاً على بيع مشروبات الطاقة لمن هم دون سن 16 عاماً في العام 2021 بعد أن طالبَ طالبٌ يبلغ من العمر 21 عاماً بمشروبات الطاقة لتحمل ملصقات تحذيرية بعد أن أدت عادته (أربعة يوميًا لمدة عامين) إلى إصابته بالرعشة وخفقان القلب.


عن الغارديان