الرحلة الطويلة

ثقافة 2023/02/25
...

 سو مان Sue Mann

 ترجمة: بدر البدور دحّام 

 

«مرحباً والتر!.. هل أعددت برنامجاً للبقاء طوال اليوم؟”

«أوه.. نعم بالتأكيد!»

وسرعان ما فرغت القاعة وشاع فيها صمت ثقيل. تزاحمُ الأفكار لديَّ أفقدني الشعور بخروج الجمع من القاعة. ولم يكن لذلك أهمية تشعرني بالأسى، إذ إن أمامنا الآن ست دقائق كافية لوصولنا الى خزانتنا ومن ثم التوجّه الى الدرس الاول. ومع هذا لدي الكتب التي احتاجها.

وبالعودة الى الشهر الماضي أذكر أنّني مرات ومرات أهدرت ساعات وساعات من الوقت الثمين مستلقياً أمام شاشة التلفزيون أو راحلاً في احلام اليقظة. وكان مدرس اللغة الانكليزية قد أعطاناً واجبا مدرسياً قبل خمسة أسابيع.

«هذه القصة القصيرة، ستجدونها، طبقاً لأفكاركم، ترمز إلى شيء ما.. فقط ضعوا في حسبانكم أن شخصاً لديه القليل من الذكاء، كما أرى، سيكون قادراً على ادراك ما تحاولون اظهاره وعرضه.. اريدكم أن تقدموا قصتكم التي تكتبونها بما لا تقل عن الفي كلمة بحلول 21 نيسان.»

وها نحن اليوم في الواحد والعشرين من نيسان. 

ولي أن أقول أنني وقبل ثلاثة ايام من هذا اليوم ساورني القلق حيال القصة التي عليَّ كتابتها واكمالها.. انني ادرك أنَّ عليَّ عدم المماطلة والتصرَّف كما يحلو لي. ولكنكم تعلمون كيف سيكون فعلُ الكتابة. فعندما لا يلزمنا تسليم مهمة يناط بنا انجازها بحلول اسبوعين أو ثلاثة، أو حتى اسبوع واحد يراودنا شعور أن زمن اتمامِها بعيد. وكثيراً ما اعذر نفسي حيال ذلك منطلقاً من أنني أعمل بشكل افضل عندما أكون تحت الضغط. لكن جراء بعض من الاسباب لم أتم المهمّة.. فحتى الليلة الماضية ما زلت لم ابدأ كتابة القصة البليدة... أقصد أنني حاولت لكن النجاح لم يحالفني.. حسناً؛ لقد كنت جالساً وصوت الراديو يعلو ذلك أنني أعمل بشكل أفضل وسط الضوضاء في محاولة لجعل قلمي يكتب قصةً.. وبعد سبع محاولات سابقة أو اكثر كان بإمكاني كتابة مئة أو مئتي كلمة؛ ما لبث ذهني أنْ فرغ. عندها فكرت في أنني استطيع الاستعانة بقصة من مجلة فأحسبها أنموذجاً. أقصد يمكنني استخدام الحبكة للحصول على فكرة، وحتى بمقدوري الاستعانة ببعض العبارات والاحداث. لهذا صرفتُ ما يربو على الثلاث ساعات اتصفح مجلاتي القديمة وقراءة القصص القصيرة التي تحتويها، وما فيها من نكات، ورسوم متحركة، ومقالات ملفتة للنظر. ولعلّي استطيع القول إنها مضيعة للوقت إلى حد ما لأن المجلات التي بحوزتي هي “Time” و” الرياضة المصورة Sports Illustrated”، وهذه ليست مجلات ادبية بحتة؛ لكني مع ذلك واصلت التصفح والقراءة ومضيعة الوقت.. أخيراً اتضح لي أن اعداد مجلة “التدبير المنزلي الخلّاق Good Housekeeping magazines” التي تطالعها أمي مشهورة بقصصها الشيقة التي تُعنى بشؤون بيتنا قد أجد فيها قصة تستخدم الرمزية.

العدد الثاني عشر من مجلة “التدبير المنزلي الخلّاق” الذي التقطته وجدته يضم قصةً مثالية، وقد كتبها رجل. في غضون ذلك الوقت كنت قرأتُ احدى عشر مجلة، وكانت الساعة تشير الى 11.30، ووجدتني أصرف ساعةً أو ما يقرب من ذلك احاول العمل على تغييرها، لكني ما زلت محافظاً على الحبكة ومستخدماً الرمزية. وعندما بلغت الساعة الواحدة أصبحت جفوني الداكنة ثقيلة للغاية لا تقوى عضلاتها على رفعها. بالطبع كنت الليلة السابقة قد سهرت كثيراً من أجل اتمام بحث تاريخي سلمته متأخراً عن موعده بيومٍ واحد.

ثم فكرتُ: “هذا ليس عدداً قديما فحسب، بل أن هذه المجلة مكتوبة من أجل النساء، وتقرأها النساء.”.. ونظراً لأن مدرس اللغة الانكليزية الخاص بنا رجل لم أجد سبباً يمنعني من الاستعانة بالقصة مطلقاً. لهذا حفزتني حقيقة أنه أعزب على المزيد، فرِحتُ بعد حوالي دقيقتين اضافيتين أو أكثر، وبعد المداولة مع نفسي انسخ القصة، مُغيّراً اسماء الشخصيات فقط.