نوزاد حسن
حين تغضب الطبيعة فهي لا ترحم، وتتصرف كما لو كانت دكتاتورا بلا ملامح.
إنها تبطش، وتقلب كل شيء رأسا على عقب.
وفي النهاية يقوم المثقف بطرح أسئلته المضخمة عن معنى الشر في العالم، وعلاقة ذلك الشر بالإله عز وجل.
طرح دستويفسكي في الاخوة كرامازوف عذاب ايفان كرامازوف حين أحس بعذاب الاطفال، وكيف تمرد على عدالة السماء.
إن موت طفل هو شيء غير مفهوم.
هل معنى هذا أن الله يقتل الأطفال الابرياء.؟
هل هناك فلسفة يمكنها تفسير هذه العملية الغامضة، التي يموت فيها أطفال أبرياء بزلزال لا يرحم؟.
انا أطرح هذه الاسئلة لأنني أفهم جيدا طريقتنا اليومية في العيش.
نحن نبحث عن أسباب تجعلنا نفهم، وبدون معرفة الأسباب نصعد إلى أعلى لملاقاة الله، وطرح الاسئلة ضده.
هذه عادة بشرية أصادفها كل يوم.
فهناك من يتحدث عن اسباب مختلفة رغبة منه كي يفهم ما حدث. تحويل ضحايا الزلزال إلى مادة للحديث شيء غير منطقي، ومزعج بالنسبة لي. وفي خضم هذا الموت الجماعي المخيف نتجادل عن معرفة السبب، والتفكير بأن العقاب الإلهي هو أحد أسباب هذه الكارثة الكبيرة.
لأننا ماكرون ونحب أن نظهر بمظهر إنساني نقوم بجعل مأساة الضحايا قصة نتحدث عنها.
ننسى حجم الألم والعذاب لمن تحت الانقاض.
المهم أن نتحدث عنهم وهم في ظلمتهم تحت سقوفهم المهدمة.
نتركهم هناك ونتحدث عنهم بعد تناول طعام الافطار الدسم، وندخن، ونتعاطف معهم بشكل ظاهري.
سيقول شخص ما: وماذا تريدنا ان نفعل؟
ليس بايدينا شيء.
وأنا أتفق مع من يقول ليس بأيدينا شيء.
لكني أعني شيئا آخر، وقضية أخرى تغيب عن أذهاننا دائما وهي: ان الزلزال معلم كبير، هو فيلسوف مدمر واقعي لا يجامل.
وعلينا أن نفهم أن هذه الكارثة هي جزء من تصميم الحياة نفسها، وعلى تلاميذ مدرسة الحياة أن يتعلموا من معلمها الأكبر.
لكن ماذا سنتعلم من حدث كارثي يميت الآلاف؟
سنتعلم منه أننا قد نكون رقمًا في ضحايا حادث اخر.
نتعلم من دروس الحياة أن الانسان لا يترك الظلم والحقد والسرقة والتفاهة أبدا.
من المفروض أن يكسر الزلزال غرور البشر ويجعلهم يتصرفون بطيبة أكبر.
لكن شيئا من ذلك لا يحدث. فقد صارت قصص الضحايا مادة للتسلية والتعاطف المزيف.
إنَّ فقدان شخص يشبه سقوط ورقة من شجرة في شارع.
الزلازل اقوى وسائل الوعظ.
أنها اقوى من المنابر والخطب الدينية، ومقالات البحث عن عدالة إلهية في واقعنا.