سيلفيا بلاث.. أسطورة ولِدَتْ من رحم الألم

ثقافة 2023/02/26
...

  عدوية الهلالي 

قبل ستين عاما، انتحرت الكاتبة والشاعرة الامريكية سيلفيا بلاث في سن الحادية والثلاثين وتركت لنا تراثا أدبيا مكونا من أشعار ومذكرات وروايات قرأها الآلاف وأثارت إعجاب النقاد وتساؤلاتهم، كانت رمزاً للمرأة الماكرة التي تبحث عن الحرية، وقبل شهر من انتحارها الذي حدث في الحادي عشر من شباط عام 1963، صدرت لها رواية بعنوان (الناقوس الزجاجي) تناولت فيها قصة فتاة صغيرة تقع في قبضة الاكتئاب والعلاج بالصدمات الكهربائية.

وهي اشارة واضحة إلى حياتها التي قضت فترة طويلة منها وهي تعاني من الاكتئاب والعلاج بالصدمات الكهربائية. 

مع ذلك ولدت المرأة الأسطورة سيلفيا بلاث من رحم الألم، وامتلكت العبقريّة الأدبيّة التي دمرها الحزن، وعبرت أعمالها عن تعاستها، بل إنها جعلت الموت فنًا مثل كل شيء آخر.

كانت سيلفيا بلاث شاعرة وروائية وكاتبة قصة قصيرة أمريكية.

يُنسب لها الفضل في تطوير الشعر الاعترافي وتعد رائدة فيه، وقد اشتهرت بمجموعتين من مجموعاتها المنشورة، (العملاق وقصائد أخرى) عام 1960 و(آرييل) عام 1965 فضلاً عن رواية شبه سيرة ذاتية نُشرت قبل فترة وجيزة من وفاتها. 

وقد نُشرت لها مجموعة شعرية عام 1981، تضمنت أعمالاً لم تُنشر من قبل. 

ونالت عنها بلاث جائزة بوليتزر في الشعر عام 1982، مما جعلها رابع جائزة تحصل عليها بعد وفاتها. 

ولدت بلاث في بوسطن، وتخرجت من كلية سميث في ماساتشوستس وجامعة كامبريدج في إنجلترا، وتزوّجت من زميلها الشاعر تيد هيوز عام 1956، وعاشا معًا في الولايات المتحدة ثم في إنجلترا.

وكانت علاقتهما صاخبة، وأنجبا طفلين، لكنها كتبت في رسائلها أنّه أساء إليها كثيراً وقد انفصلا عام 1962 ليعيش مع امرأة أخرى وهو ما يفسر ربما مسألة انتحارها، خاصة وأنها كانت تعاني من الاكتئاب معظم حياتها، وقد عولجت مرات عدة بالصدمات الكهربائية ثم قتلت نفسها عام 1963.

كتبت بلاث الشعر منذ سن الثامنة، وظهرت أول قصيدة لها في مجلة بوسطن ترافيلر.

وبحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى كلية سميث، كانت قد كتبت أكثر من 50 قصة قصيرة وتم نشرها في مجموعة من المجلات. 

وفي الواقع، كانت بلاث ترغب في كتابة النثر والقصص طوال حياتها، وكان الشعر ثانوياً بالنسبة لها. لكنها، لم تنجح في نشر النثر. 

وفي جامعة سميث تخصصت في اللغة الإنجليزية وفازت بجميع الجوائز الكبرى في الكتابة والمنح الدراسية. 

فضلاً عن ذلك، حصلت على منصب محرر صيفي في مجلة النساء الشابات وعند تخرجها في عام 1955، فازت بجائزة غلاسكوك عن كتابيها (العاشقان) و (المتجول على

البحر). قبل وفاتها، حاولت بلاث الانتحار مرات عدة، وفي عام 1953، تناولت جرعة زائدة من الحبوب المنومة، وفي عام 1962، قادت سيارتها من جانب الطريق إلى نهر وكانت محاولة للانتحار

أيضا. وعلى الرغم من أنها كانت قادرة على مواصلة العمل في معظم الأوقات، إلا أن اكتئابها ساء وأصبح حادًا، إذ كانت تعاني من الأرق، وتناول الأدوية في الليل للحث على النوم، وكثيرًا ما كانت تستيقظ مبكرًا. وفقدت الكثير من وزنها. 

ومع ذلك، استمرت في الاهتمام بمظهرها ولم تتحدث ظاهريًا عن الشعور بالذنب أو الإحباط.وفي صباح الحادي عشر من شباط عام 1963. عُثر على بلاث ميتة ورأسها في الفرن، وكانت قد فتحت صنبور الغاز، بعد أن أغلقت الغرف بينها وبين أطفالها النائمين بشريط لاصق ومناشف وأقمشة.  وفي كتابه الصادر عام 1971 عن الانتحار، ادعى صديقها الناقد ألفاريز أن انتحار بلاث كان صرخة بلا طلب للمساعدة، وقال إنه يأسف لعدم قدرته على تقديم الدعم العاطفي لها. ويقول في كتابه: «لقد خذلتها. كنت أبلغ من العمر ثلاثين عامًا وكنت غبياً. لم أكن أعرف شيئاً عن الاكتئاب المزمن. لقد احتاجت سيلفيا نوعًا ما إلى شخص يعتني بها. ولم يكن بإمكاني ذلك. 

ويرى بعض النقاد أن قوة الموت لدى سيلفيا بلاث لا تتوافق مع ما حققته في المجال الأدبي، فقد كانت مليئة بالطموح ومتزوجة من شاعر ناجح، لكن موتها المأساوي لم يكن سوى جزء صغير جداً من الحياة. وفي الواقع، هناك قوة وطاقة لا تصدق في قصائد بلاث على الرغم من الألم الذي يشوب كتاباتها، فقد كانت أشعارها مليئة بالصور الساطعة المتلألئة،  والزهور الزاهية المذهلة، والموسيقى العذبة. كانت كل هذه الأشياء رموزاً لقوة حياة الشاعرة التي لا يمكن كبتها، وليس

 لمرضها.