حيدر الجنابي
يؤكد خبراء الزلازل أن هناك جانبين مهمين يؤثران بشكل كبير في تقليل مستوى الخسائر البشرية:
الجانب الأول: متانة البنية التحتية وارتفاع والمواد المستخدمة في تشييدها.
الثاني: مستوى الوعي لدى السكان حول الإجراءات الواجب اتباعها خلال وقوع الزلازل والهزات
الأرضية.
الإعلام تقع عليه مهمة الجانب الثاني وهو الوعي بالزلزال، وعلى مدى الأيام القلية الماضية انشغلت وسائل الإعلام بتغطية كارثة الزلزال المدمر الذي وصف بأنه الأعنف على مدى مئة عام بالنسبة لتركيا. وانفردت وسائل الإعلام العربية بتغطيات مميزة وسجلت نجاحاً في تغطية مختلف الفعاليات والأوضاع التي رافقت حدوث الزلزال المدمر في كل من تركيا وسوريا، وأفردت مساحات واسعة للتركيز على جوانب نفسية وصحية واقتصادية وعلمية وتعليمية وسياسية تعلقت بهذا الحدث. أما الإعلام العراق فقد كانت مقاييسه للزلزال مختلفة عن الإعلام العربي بسبب طبيعة منظومة العمل الإعلامي العراقي، بالإضافة إلى إمكانية تأثير الزلزال بشكل مباشر على العراق، ان التركيز الإعلامي العراقي منصباً على تغطية الجهود العراقية الرسمية والشعبية لإيصال المواد الاغاثية إلى المناطق المتضررة في سوريا وتركيا مع تتبع كم من الأخبار حول قوة الزلزال والأضرار التي خلفها وهل سيؤثر ذلك في مناسيب المياه في حوضي دجلة والفرات في حال قهر الزلزال كتل الحديد والاسمنت التي تحتضن كميات كبيرة من الماء يحتاجها العراق.
لكن على الضفة الأخرى أهمل القائم بالاتصال العراقي وظيفة مهمة من وظائف الإعلام،وهي وظيفية "التعليم"، وفي الحقيقةلا غنى عن هذه الوظيفة حينما تكون هناك كارثة ما، إذ إن رفع الوعي الجمعي والمسؤولية الفردية لدى وقوع الكوارث هو الادعي بالاهتمام وقبل كل شيء فالتوعية في وقت ما بإمكانها أن تخفف من مستوى الهلع لدى المتلقي،’ ومن ثم تجنب الخسائر البشرية في حال شهد المتلقي حدوث مثل هذه الكارثة لا قدر الله.
وبعكس ذلك قد يؤدي التدفق الإخباري الخاطئ والمتابعة المتواصلة من قبل المتلقي للمشاهد المعززة بعناصر الإبراز من الصور والفيديوهات والموسيقى إلى إصابته بالرعب والهلع.
أغفل القائم بالاتصال العراقي الموضوعات التي تخفف مشاعر الخوف والهلع لدى السكان، وتخلق لديهم مستوى من الوعي بالحدث وأهمية وكيفية التعامل معه، لاسيما في ظل مجتمع لا تحمل ذاكرته أي فكرة عن الإسعاف الأولي أو التعامل مع الحالات الطارئة. إن قرب بؤرة الزلزال من العراق هو أحد أهم الأسباب التي أججت مشاعر الخوف بين العراقيين، فهو يقع عند حافة الصفيحة العربية التي دائماً ما تصطدم بالصفيحة الاوراسية في الجانب الإيراني ما ينتج عنه هزات أرضية وفقا لمختصين.
تغطية الإعلام العراقي للزلزال المدمر في تركيا وسوريا لم يكن بمستوى الأزمة، وهو يعيد ذاكرتنا إلى الأيام التي علا فيها صوت الرصاص عقب سيطرة عصابات داعش على مساحات واسعة من العراق، كما لم يكن بمستوى الطموح حينما سكنت الشوارع وهجرها السكان هرباً من أنفاس مميتة تحمل معها فيروس كورونا، الذي فتح شهية الأرض لالتهام الموتى.