الصداقة بين الولد والبنت في زمن {السوشيال ميديا}

ولد وبنت 2023/02/27
...

  بغداد:  سرور العلي

أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تغيير النظرة التقليدية بالمجتمع حول صداقة الولد والبنت، إذ كانت محط شكوك وجدل سابقاً، فلعبت دوراً مهماً في الانفتاح، وتكوين العلاقات بين الجنسين، وترك بعض الأفكار السلبية حول هذه العلاقة الانسانية، فأضحت طبيعيَّة نوعا ما بزمننا الحالي.

يؤكد الطالب الجامعي أحمد رعد أن هناك كثيرا من الأسر ترفض العلاقة بين البنت والولد، نظراً لطبيعة المجتمع وتركيبته، وتقيّده بعادات وتقاليد، إضافة إلى أن معظم المدارس غير مختلطة، بالرغم من أن المدرسة هي مكان اجتماعي نتعرف به على أفراد آخرين، وتنمية صداقات معهم، لكن بعد التطور الهائل في التكنولوجيا، وانتشار برامج التواصل تغير مفهوم الصداقة، فأصبح الشاب يتعرف على الفتاة من دون مواجهة القيود والموانع التي كانت تحيطه في السابق.

مضيفاً "كما أن هذا الانفتاح أسهم بتقليل العزلة، التي يعاني منها الشباب، والتخلص من الكبت والكآبة، وتقليل التحرش، والحصول على القبول والتقدير، والدخول في مجموعات مشتركة تحمل  الأفكار نفسها، وربما يتقاسمون بهوايات ومواهب متعددة، وهو أمر نادر الحدوث في السنوات 

الماضية. 

وترى حوراء محمد (طالبة جامعية)، أن الجيل الجديد يختلف كثيراً بنظرته لمفهوم الصداقة بين الجنسين، فازدادت العلاقات وكسر حاجز الخوف والخجل، بفضل السوشيال ميديا، والاختلاط في الجامعات، وتنظيم الرحلات الترفيهية الجماعية، والفعاليات والبازارات التي تقام داخل أروقة الحرم الجامعي، وشخصياً تعرفت على أصدقاء عبر منصات التواصل وأصبحوا حقيقيين، إذ وقفوا معي وساعدوني على تخطي معاناتي، وتقديم لي جميع الدعم.

وبحسب زميلتها نور وسام، فإن الصداقة في الواقع بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي تبقى أكثر مصداقية ومختلفة، بسبب ظاهرة الجرائم الإلكترونية، والتلاعب بمشاعر الفتيات، وتعرضهن للابتزاز وإقامة علاقات محرمة أو غير أخلاقية بذريعة الصداقة، أو إفساد المجتمع وانحلاله ببعض الأفكار الدخيلة وغير المألوفة لدينا، وفقدان الخصوصية وإلغاء الحدود الاجتماعية، كذلك في بعض الأحيان تختلف شخصيات مواقع التواصل عن حقيقتها في الواقع.

في حين يفضل البعض أن تبقى صداقات السوشيال ميديا داخل هذا الإطار فحسب، ومن دون معرفة الهوية الحقيقية، للشعور بالأمان، والتحدث عن المشكلات اليومية، والفضفضة بأمور مختلفة بلا خوف وتردد، ومع ذلك هناك فتيات يستطعن تمييز الشاب السوي، ومن يسعى للصداقة لعدة غايات ومصالح، كما أن البنت قادرة أن تفرض احترامها، ووضع حدود لجعل صداقتها مع الشاب واضحة بسلوكها وتصرفاتها، إضافة إلى أن هناك من يلجأ إلى صداقات افتراضية، بسبب كونه غير اجتماعي، ولا توجد رقابة بحسب تعبير الشابة رسل كاظم.

ويقوم بعض الشباب بإنشاء مجموعات على السوشيال ميديا، تكون ذات طابع ثقافي أو اجتماعي أو ترفيهي، وهي تعمل على بناء صداقات طيبة قد تتحول إلى واقعية، كما أن وسائل التواصل تعدُّ لبعض الشباب متنفساً لهم، لا سيما في المجتمعات المنغلقة وذات الضوابط الصارمة.

د. عماد رسن أوضح: بالتأكيد يمكن أن تتحول صداقة ميديا الواقع الافتراضي إلى صداقة في الحياة الواقعية، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، لكن الطريق من الواقع الافتراضي إلى الواقع الحقيقي ليس سهلا دائما، فهو يختلف من مكان لآخر، ومن بيئة لبيئة وثقافة لثقافة، ففي الواقع الافتراضي الطريق سهل، لا قيود ولا ضغوط اجتماعية، تذوّب الفوارق الجندرية (تقاسم الأدوار بين الرجل والمرأة)، يكون للتاريخ الشخصي أهمية أقل، تذوب الفوارق الطبقية والمناطقية، ربما التعليم والوضع المادي.

 ويضيف رسن: في الحياة الواقعية هناك الكثير من المحددات في صداقة الرجل والمرأة، التي يحكمها الدين والعادات والتقاليد والضغط الاجتماعي،  في مجتمع مثل مجتمعنا، هكذا صداقة ربما في الغالب غير مقبولة، وينظر لها بعين الريبة، وربما بالمحرمة التي تستحق العقوبة، مجتمعنا صارم جدا في هذا الموضوع، لكن، يمكن القول إنَّ صداقة الرجل بالمرأة في الإنترنت تستطيع أن تتحدى، وربما تكسر الكثير من العوائق في الحياة الواقعية والصورة النمطية عن استحالتها، أي ستفتح الطريق لمقبوليتها في الواقع  وجعلها شيئا

 طبيعيا.

ويختتم رسن بقوله: إن الموضوع يحتاج لوقت، ولكننا سائرون بهذا الطريق لا محالة، اليوم الميديا تقود المجتمع في تغيير الكثير من المفاهيم الاجتماعية والصور النمطية المتعارف عليها، مثل شكل الصداقة بين المرأة والرجل التي ستتحول من محرمة، لمرفوضة، لغير متعارف عليها ثم مقبولة فشائعة، فالمسألة مسألة وقت 

فقط.