حمزة مصطفى
من أبي علي الشيباني ومعلمه الشهير إلى اللبنانية ليلى عبد اللطيف وميشيل حايك وغيرهم من عشرات المنجمين، الذين يتبارون نهاية كل عام بتوقعات العام المقبل ينطبق عليهم «شلع قلع» القول المشهور «كذب المنجمون ولو صدقوا».
المفارقة أن أيا منهم لم يصدق بأية واقعة من الوقائع أو الأحداث التي توقعوها بمن في ذلك إعلانهم المتكرر، لاسيما معلم أبي علي الشيباني عن نهاية العالم، مرة في آب وأخرى في شباط وثالثة في كانون الثاني.
ربما هناك من يعترض قائلا إن بعض نبوءاتهم قد تحققت بدليل مات فلان وحصل انقلاب كذا وسقطت طائرة وما إلى ذلك من «التصفيط»، الذي لا يخرج عن سياق كونه مجرد «كذب مصفط».
وأقول تصفيط لأنهم يقولون سوف يموت شخصية كبيرة في البلد الفلاني أو انقلاب يحصل هذا الصيف، وهو ما يمكن توقعه من قبل حتى المحلليين السياسيين، الذين بات بعضهم يقترب من حيث القدرات من نبوءات المنجمين.
لكن كل هذا الكلام بـ «صفحة» وما حصل على صعيد زلزال تركيا وسوريا بـ «صفحة».
فهذا الزلزال الذي هو الأعنف منذ عقود طويلة في كلا البلدين, وتكرر ولا يزال يتكرر وبوتائر أقل طبقا لمقياس ريختر لم يتنبأ به أي ممن ذكرت أسماءهم أوسواهم، وإنما توقعه علميا ولم يتنبأ به غيبيا عالم هولندي لم نسمع به من قبل إسمه فرانك هوغربيتس قبل بضعة أيام فقط من وقوعه.
ولأنه سرق الأضواء علميا فقط فإنه سرعان ما بدأ الجدل بشأن أصل توقعه في ما إذا كان نتاج بحث علمي دقيق، أم إنه سرقه من باحث جيولوجي عراقي لم نسمع به من قبل كذلك هو صالح محمد عوض.
في كل الأحوال فإن الفرق يبقى كبيرا بين النبوءة التي هي في علم الغيب، وبين التوقع المبني على دراسات علمية دقيقة مع بقاء نسبة الصح والخطأ واردة كأي بحث علمي تجريبي، وليس توقعا يقينيا على طريقة الإمام الشافعي «كلامي صح يحتمل الخطأ، وكلام سواي خطأ يحتمل الصح».
وطبقا لذلك يمكننا القول إن العالم الهولندي شق «نص الجفن» إلى أن نتأكد من أنه استند بالفعل إلى بحث صاحبنا العراقي أم لا، وبالتالي نضبط ساعاتنا على توقعاته المقبلة مع بقاء الصفيحة تتحرك يمينا وشمالا.
وبصرف النظر إن كان ما فعله الهولندي قد سرق المعلومة من صاحبنا العراقي، أم أن الحافر وقع على الحافر، بحيث أن صفائح الزلازل مطروحة هي الأخرى في الطريق بلغة الجاحظ، فإن التوقع كان صائبا.
في كل الأحوال نحتاج لوقت لكي نتاكد في ما إذا كان العراقي هو السبّاق في الكشف أو التوقع أو الهولندي، خصوصا أن حبل الزلازل لا يزال على الجرار.
فالعراقي فند توقعات زميله الهولندي، برغم أنها حصلت من باب إنه لا يمكن توقع الزلازل حتى تحصل لكنه في مقابل ذلك توقع حصول زلال كبير يومي 27 و28 الشهر الحالي.
أي يوم نشر المقال والله الحافظ.