ضجة في صف جوائز الأوسكار

ثقافة 2023/02/27
...

علي حمود الحسن
شاهدت قبل أيام فيلم "الى ليزلي" (2022) للمخرج مايكل موريس، وتمتعت كثيرا بأسلوبه البسيط وسرده الخطي، واهمية موضوعه، الذي يتحدث عن قصة ليزلي (اندريا رايزبورو) الأم المنفصلة، التي تعيش مع طفلها الصغير، وبمحض الصدفة تربح 190 الف دولار، فتعيش لحظات سعادة غامرة، وتشتهر في مدينتها وولايتها، وتعلق صورها في الشوارع والمتاجر، وتتهافت عليها قنوات التلفزيون والصحافة، وحينما يسألها مقدم البرامج ماذا تفعل بكل هذا المال؟، اجابته بعفوية: "ربما اشتري بيتا، او غيتارا لابني" ثم تدعو من حولها الى حفلة شرب، بعد ست سنوات تبدد ليزلي ثروتها وتنغمس في الشرب والمخدرات، فيعافها الجميع وتترك ابنها الصغير بحضانة صديقتها وأمها، تجد نفسها أقرب الى المتشردة، إذ تخسر ذاتها واصدقاءها وأسرتها، وتطرد من الفندق الذي كانت تسكنه لعجزها عن دفع الأجور، ثم تشارك ابنها جميس (اوين تيج) سكنه المتواضع، وعلى الرغم من اهتمامه بها، إلّا أنها سببت له المشكلات نتيجة لإدمانها، ما يضطره الى استدعاء الشرطة لطردها، فتعود مهشّمة القلب الى مدينتها الأولى التي انتبذتها، تعاني الامرين من احتقار ولوم الناس لها، فتنغمس اكثر في الإدمان، يعطف عليها مدير فندق صغير منفصل، هو الآخر يدعى سويني (مارك مارون)، يعاملها بحنو ويعرض عليها وظيفة في فندقه المتواضع، بعدها تبدأ رحلة مقاومة الإدمان بمؤازرته... تفشل مرات وتنجح  مرة، وما بين سخرية الأصدقاء والاهل وتندرهم، تبذل جهودا مضنية للخروج من محنتها، وتنجح بذلك.. فتستعيد كرامتها المهدورة أمام نفسها أولا، ثم أمام ابنها الذي يعود اليها وتحظى باحترام الجميع.. هذه الأحداث جسدتها الممثلة البريطانية الملهمة ايزبورو، فكانت على مدار زمن الفيلم تمر بتحولات، ليس على صعيد الجسد وعلاقتها بالآخرين، انما بقدرتها على تجسيد انفعالاتها الداخلية، وانكسار روحها، بلا تكلف، فخلبت لب المتلقي – على الأقل بالنسبة لي- وبذا تحملت أعباء الفيلم بأكمله، بأداء عاطفي عميق، فهي واقعية وحركاتها الجسمانية وتعابير وجهها مختزلة، فنجحت في الكشف عن شخصية ليزلي المتصدعة، ما جعل صناع سينما ونجوما من اصدقائها يؤازرون ترشيحها الى الاوسكار خارج سياقات اكاديمية من خلال عرض الفيلم على منصات رقمية، والترويج له على حساباتهم الشخصية، وفعلا تم ترشيح الفيلم لجائزة أفضل ممثلة، ما أغضب سدنة "جوائز الأوسكار" الذين سارعوا الى عقد اجتماع ألغوا فيه ترشيحها، باعتبار الفيلم مستقلاً وميزانيته متواضعة، فشركات التسويق الكبرى تروّج لأفلامها بملايين الدولارات، فكان قرارا مجحفا كشف عن الوجه القبيح لهوليوود وشركاتها المعولمة، لكنهم عادوا واكدوا ثبات  ترشيحها مع رفضهم للآليّة التي جاءت بها.