ضجَّة سانت ليغو.. وحلولها المبسّطة

آراء 2023/02/28
...

  سعد الراوي 


سانت ليغو (ainte-League method)‏ إحدى الطرق الكثيرة لتوزيع المقاعد بين القوائم الانتخابية ابتكرت عام 1910م، حيث يتم توزيع المقاعد بحاصل قسمة عدد الأصوات الصحيحة لكل قائمة انتخابية على {1، 3، 5، 7....الخ}، وهذه تقلل من العيوب الناتجة عن عدم التماثل بين عدد الأصوات المعبر عنها، وعدد المقاعد المتحصل عليها، هذا الميزة تقلل من استفادة الأحزاب الصغيرة وتستفيد أكثر الأحزاب الكبيرة أو الائتلافات الانتخابية. لكن ممكن أن تتجاوزها الأحزاب الصغيرة بتشكيل تحالفات وقد تكون أفضل من أي حزب كبير.


النروج والسويد أول الدول المطبقة لهذه الطريقة عام 1951م، إذ تستعمل الأعداد الفردية (1، 3، 5، 7....).

أما طريقة سانت ليغو المعدل، فهي صورة معدّلة لطريقة سانت ليغو، وتطبق بهدف جعل عملية توزيع المقاعد أكثر عدلاً. 

وفيها يتم تعديل القواسم لتصبح (1.4، 3، 5، 7، 9....) وتطبق هذه الطريقة حالياً في نيوزيلندا والنرويج والسويد والبوسنة وكذلك في العراق لكن بنسبة اخرى.

كتب محمد فائز في النهار اللبنانية بتأريخ 5 أيار 2013م بُعيد انتخابات مجالس المحافظات العراقية: “النهار” اللبنانية {فوز عشرات الكيانات الصغيرة بمقعد بسبب نظام “سانت ليغو”} {إنه وفي ضوء الفوز النسبي الذي حققه ائتلاف “دولة القانون” بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي، وتلفت الصحيفة أيضاً إلى أن النتائج الحالية أفرزت وللمرة الأولى فوز عشرات الكيانات الصغيرة بمقعد، نتيجة توزيع المقاعد استناداً إلى نظام “سانت ليغو” الذي لا يعتمد “العتبة الانتخابية” كأساس لتوزيع المقاعد، كما حصل في الانتخابات 

السابقة}.

إذن سانت ليغو ليس بالند من الأحزاب الصغيرة. 

رغم أن سانت ليغو المعدل أكثر  تأثيراً.

شخصيا أؤيد تطبيق قانون الأحزاب والسماح لكل من تتوافر فيهم الشروط أن يؤسسوا أحزاباً سياسية، وكل يأخذ دوره في العملية السياسية، ولكن لكثرة هذه الأحزاب وتجاوز عددها 270 حزبا، لا بدَّ من تقليص الأحزاب الفائزة برفع العتبة الانتخابية وحتماً سيعترض الكثير.

فكلما ارتفعت العتبة قلّت الأحزاب الفائزة والعلاقة عكسية.

وهناك من يعترض على وجود عتبة انتخابية وبالوقت نفسه يعترض على كثرة الأحزاب، وبذلك نكون أمام مطلبين متناقضين نحتاج تعميق الحوار وايضاح الأمر.

لا توجد أي علاقة بين هذه الطريقة وبين توزيع المقاعد داخل القائمة الفائزة. 

حيث يعاد توزيع التسلسلات، بدءاً بأعلاها أصواتاً، فالأدنى والأدنى مع مراعات كوتا المرأة.

الاختلاف في اختيار طريقة لتوزيع المقاعد أو ترسيم الدوائر أو شكل القوائم الانتخابية أمرٌ طبيعي، وليس هناك طريقة مثلى لتوزيع المقاعد خالية من سلبيات ولا نظام انتخابيا، كله إيجابيات ولا طريقة ترسيم الدوائر ولا يمكن أن نستنسخ ما موجود بدولة ونأتي به لدولة أخرى.

ولكن كل من نقابله أو نحاوره يرغب بتقليص الأحزاب، ويطالب بسرعة تشكيل الحكومات سواءً المحلية أو الوطنية، وبالوقت نفسه يعترض على زيادة العتبة الانتخابية والعلاقة بينها علاقة عكسية.

وهذه معضلة كل من يرغب حلها على هواه. فتبقى الآراء الحلول متعثرة.

فوز الأحزاب وفشلها سواءً صغيرة أم كبيرة يتأثر بعناصر أهمها: (حجم الدائرة الانتخابية/ نسبة التصويت/ عدد المنافسين لكل دائرة انتخابية/ المعادلة الرياضية التي لاحتساب المقاعد/ شكل القائمة الانتخابية.. الخ).

فيتوجب على الجميع دراسة هذه المؤثرات بعمق، فلا يمكن أن نقدر تقديراً دقيقاً لأي عتبة انتخابية قبل معرفة هذه المحددات والمحدد الأهم هو نسبة المشاركة في التصويت وعدد الأصوات الصحيحة. 

كبلد حديث عهد بالديمقراطية وليتسنى للأحزاب الناشئة الجديدة خوض مضمار السياسية لا بدّ من تقليص العتبة الانتخابية ولا نجعلها كالسويد 6% أو تركيا 10%.

فوجود عتبة انتخابية يقلل من القوائم الفائزة ويعجل في تشكيل الحكومة سواءً محلية أو وطنية، وهذا أمر مهم جداً في أي انتخابات ولا بد من اخذه بالحسبان.

الخلاصة لمن يرغب بالحلول العاجلة والانتخابات القريبة: 

- لا تجعلوا هذه الطريقة أو غيرها عقبة في الانتخابات وعلى الطرفين المؤيد والمعارض أن يقرؤوا القانون قبل تعديله، الذي صوتت عليه كل الأحزاب والائتلافات عام 2018م دون اعتراض يذكر فما الذي تغيَّر الآن؟.

- من المفترض بالجهات التي تريد التعديل تلغي فكرة دمج قانوني انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات وتقر بالمنهاج الحكومي، الذي أُقر انتخابات مجالس المحافظات في تشرين الأول من هذا العام.

وعلى الكيانات الصغيرة أو الناشئة المتخوفة التفكير بالائتلاف بكيان موسع، وهناك ثلثا الناخبين لم يصوتوا في أغلب الانتخابات، وما يسمونهم بالكتلة الصامتة بإمكان الأحزاب الناشئة اقناعهم بالتصويت لهم، وبهذا تنتهي معضلة التخوف من سانت ليغو. 

وإن بقوا على مواقفهم فكلا الطرفين سيعرقلون إجراء الانتخابات. 


 نائب رئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق/ الأسبق