كثــُـــر الحديث في الآونة الاخيرة عن زواج القاصرين والمشاكل الاسرية الناجمة عنه ولعل السؤال الاسرع الى الاذهان هو من المسؤول عن هذا الزواج ؟ خاصة وقد اخذت هذه الظاهرة تكثر في المناطق المتمدنة بعد ان كانت تقتصر على البدو والارياف والغجر، اذ ان تفاقم هذه الحالة لم تكن صدفة او حالة طارئة حتى غدت طبيعية تعودت عليها الكثير من الاسر التي لم تضع في الحسبان ان هذا العرف سيؤدي بمرور الوقت الى نشوء اجيال متفككة
مهزوزة .
عدة فرضيات تطرح نفسها على الساحة هل الزواج كان من اجل الجنس او التباهي امام القبائل ؟ ام ان هذه العروس الصغيرة ستتـــخذ كجارية او خادمة تســّــور الحلي عضديها، و ( الحجل ) قدميها ؟ وهل كان الزواج لله؟ اسئلة كثيرة تستوطن خلد الاسر والمهتمين بهذا الموضوع, فلافيا باستريو، المديرة العامة لشؤون الصحة في منظمة الصحة العالمية , تقول: إن الفتيات اللاتي يتزوجن في عمر مبكر ويؤخرن الحمل إلى ما بعد سن المراهقة تتاح لهن فرصة أكبر للتمتع بصحة أقوى، وتحصيل علمي أعلى، وقدرة على بناء حياة جيدة لأنفسهن
ولأسرهن.
يقول المدير التنفيذي لصندوق الامم المتحدة للسكان، باباتوندي أوسوتيميهن: إن زواج الأطفال يعد انتهاكًا مروعًا لحقوق الإنسان ويسرق الفتيات من تعليمهن وصحتهن وتطلعاتهن على الأمد الطويل , وعلينا أن نعمل معا
لانهائه.
حياة جديدة
عندما يكون الاب لا يمتلك ثقافة وحالته المادية ميسورة جدا وترعرع في اجواء قبلية وتعصبية واخذ موروثها من الابوين فلا بد ان يــُركز ابنه الصغير غير البالغ ويلبسه لباس اكبر منه , لباس الاكراه والترغيب في الزواج؟ طفل او مراهق يكون ذا شغف نحو الميول الجنسية لان له طاقة قوية كامنة ومتعطش , كي يدخل حياة جديدة من دون نية القرب لله ، بينما نجد في الجانب الاخر الفتاة الزوجة الصغيرة تحمل نفس ثقافة الفتى الصغير وتأتي وهي متعطشة كزوجها للزواج وبالطبع هي لا تعرف ثقافة الزواج الا ما تلمسته من هنا وهناك , وبعد فترة تكتشف ان زوجها مجرد طفل يتحكم به والداه كونهما يمتلكان قوة المال والسلطة ؟
فيجبرانه على التصرف مثلهم اي سيعمل على تقليد أبيه بكل شيء وخاصة السلوكيات السلبية كأهانة الزوجة وضربها او قد يفكر مع نفسه انها صغيرة وسأربيها كيفما أشاء اي ستصبح كالعبد الذي ليس له حرية القبول او
الرفض .
السن القانونية
يــُــعرف القاصر قانونيّاً بأنه كل إنسان في مرحلة الطفولة، وما زال تحت وصاية والدهِ، أو ولي أمره، ويــُــعرف أيضاً بأنه كل فرد يعجز عن تولي مسؤولية نفسه القانونيّة، ويكون مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بعائلتهِ، وفي أغلب دول العالم يعد كل فرد تحت السن القانونية (18 عاما) قاصراً
قانونياً.
تفقد الفتاة هويتها الاجتماعيّة، وتشعر بأنها لا تمتلك شخصيةً خاصةً بها، وذلك لشعورها بالحرمان من أبسط حقوقها في الحياة، منها الحصول على التعليم المناسب والمكانة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت ستنالها لو قدر لها عيش مراحل نموها بحرية ومن دون قيود، كما أنها لا تمتلك الثقافة الكافية للتعامل مع الأطفال؛ لأنها ما زالت في مرحلة
الطفولة.
الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صدرت عام 1989، تنص على أن كل إنسان لم يتجاوز سن 18 يعتبر طفلًا وتزويج الأطفال في هذا السن لا يتماشى مع الاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان التي اصبحت هاجساً لا يستهان به الان في كثير من
الدول .
حكايات مؤلمة
قصص تتداولها الامهات في ما بينهن عندما نسمعها كأننا نعيش في مسلسل تلفزيوني لا نهاية له ,عن فلانة التي تزوجت وهي بعمر 12 عاماً وتطلقت بعد انجابها مباشرة لانها لم تعد قادرة على الانجاب مرة اخرى بعد تعرضها لمشاكل صحية لعدم اكتمال نموها الجسماني , واخرى تزوجت بعد اخراجها من المدرسة وهي بعمر 14 عاما , كان آملها تكملة تعليمها لتصبح محامية تصول وتجول للدفاع عن المظلومين , لكن يبدو ان اول قضية خسرتها في حياتها هي حريتها فلم تشفع لها دموعها وتهديدها بالانتحار , زوجوها وتحملوا ذنب فقدانها لحياتها وانسانيتها على يد زوجها , واحدثكم عن فرح تلك الطفلة ذات الـ13 ربيعا التي زوجها اخوتها من رجل بعمر جدها وصبرت معه حتى فاض الكيل بها لتهرب لبيت اخوتها متحدية العقوبة التي قد تنالها جراء عملها هذا , وبعد بحث طويل لزوجها عنها عرف انها هربت للبحث عن طفولتها الضائعة التي لم تجدها عنده , وغيرها الكثير من المآسي التي لا نهاية
لها .
فلا بد ان يكون هناك تعديل للقانون الذي اجاز زواج القاصرات بمجرد بلوغهن؟ للحد من هذه الظاهرة غير الحضارية و اعتبارها جريمة يحاكم من يقترفها أو يشارك فيها أمام المحاكم بعقوبة شديدة، تشمل الاهل والشهود والزوج المنشود .