سناء وتوت .. ناشطة اجتماعية وادارية

اسرة ومجتمع 2019/04/12
...

قحطان جاسم جواد
شخصية اخاذة قادرة على الاقناع في كل المواقف. شديدة وصلبة وأم حنون.زوجة ناجحة كانت سببا لظهور الكثير من اغاني زوجها الملحن الفنان الراحل “محمد جواد اموري”.لانها كانت ملهمته ومسؤولة عن بريد القصائد التي ترد الى زوجها وتقوم بالغربلة والاهتمام بتصنيفها وابداء الرأي بشأنها او التحضير للمهم منها،ومناقشتها مع الراحل وبالتالي تلحينها واسماعها اليها كاول شخص يسمع اللحن بعد انجازه،وقبل تسجيله. هذه السيدة هي”سناء اموري” التي برزت على كافة الاصعدة حيث اسهمت فيها سواء كامرأة ناشطة اجتماعيا او مثقفة او ادارية او زوجة وام او حبيبة لانسان اصطفاها من بين الكثير من النساء
(حبيبة ابوها)
سناء كانت مميزة-كما تقول- منذ صغرها،و”حبيبة ابوها “الذي لم تعش طفولتها معه كما ينبغي او كما كانت تتمنى.اذ انه اما يكون مسافرا خارج العراق او سجينا بسبب توجهاته الوطنية.لكنها نهلت منه على قلة اللقاء به في الجانب الاجتماعي والوطني والثقافي.فهو الذي حبب لها المتنبي والشعر عامة من خلال الكتب التي كان يجلبها لها،لتقرأ بنهم كل الكتب المتنوعة التي تقع تحت يدها.
 
ابنة النجف 
تقول السيدة سناء:  ولدت اوسط الخمسينيات من القرن المنصرم في النجف في بيت وعائلة محافظة. وعيت على الدنيا وانا انام على ضوضاء وضجيج مذياع جدي،وهو يحرك الميل يمينا ويسارا من اجل ان يلتقط خبرا او تعليقا يتلاءم مع طموحه واماله في تغييرواقع الحال لهذه الامة المبتلاة بالشؤم.ولم تفارقني وحشة حرماني من ابي الذي اعتنق السياسة منذ صغره.وتضيف:- لاانسي ابدا ايام زيارته الى السجن مع والدتي بداية كل شهر،سواء في سجن الحلة او في السجون الاخرى.كنت افرح للقياه واطير بين يديه كفراشة تحلق بسعادة.كما ادمنت سماع ام كلثوم من مذياع جدي واغانيها ذات الكلام الراقي 
والمهذب.وتشيرسناء”ام نواس” لرحلتها الطويلة مع الحياة كزوجة فتقول:-انها تزوجت من ابن خالها الفنان القدير “محمد جواد اموري”وكان عمرها 15 عاما.وحدثت مشكلة بين اولاد عمومتها واشتد الخلاف بينهم،لكن اموري اقنع والدي بأنه الفارس الحاذق والذكي الذي سيسعد ابنته ووافق على زواجي.فتركت النجف وذهبت الى بغداد في بداية السبعينيات.
وقد اسرشبابي وشكلي وقوة شخصيتي الفنان الكبير اموري وشكلنا اسرة كانت من اسعد العوائل.
 
اكتشاف ذائقة الشعر
 ونتجت في تلك المرحلة اعظم الحان اموري منها اغنية ياحريمة للشاعرالكبير” ناظم السماوي” واداها الفنان الرائع”حسين نعمة”وقد كنت وراء اخراج الاغنية الى حيز الوجود.بعد ان طلب مني زوجي استلام القصائد الغنائية التي كان يبعثها اليه الشعراء وترتيبها بعد قراءتها واختيار الافضل، لاسيما بعد ان اكتشف ذائقتي وحبي للشعر.واثناء التفتيش بين القصائد عثرت على قصيدة ياحريمة.
وقد مضى عليها اكثر من سنة ونصف السنة عند اموري،فقلت له انها قصيدة رائعة وستكون ضربة معلم.لكنه اعترض وقال لي لقد وعدتك بأن لاالحن اغاني حزينة.لكني اقنعته لاننا اهل العراق مجبولين على الحزن.وجلبت العود وسلمته اياه ليبدأ تلحين اجمل اغنية عراقية.وفعلا حين قدمت اثارت ضجة كبيرة بسبب قوة الكلام وروحية اللحن الاخاذة، لاسيما ان اموري كان يلحن معنى الكلام وليس الكلام نفسه،وجاء حسين نعمة ليعطيها رونقا اخر من 
الجمالية. 
 
(خلينه انشوفك)
وتستطرد سناء في حديثها عن زوجها: في البداية كنت اتذمر من سهره وارتباطاته في العمل لانه كان عازفا في السمفونية الوطنية ومسؤولا في النشاط المدرسي وعضوا في لجنة فحص الاصوات والكلمات ويلحن الاغاني.في يوم ما وكنت مكتئبة بسبب غيابه الطويل عن البيت قررت العودة الى اهلي بدون ان اعلمه.
وحين عرف ظل ليومين يتعذب ويحدث اخي”عماد”بان يتحدث معي كي اعود،لكني رفضت.فكتب ولحن اغنية خاصة لي هي “خلينه نشوفك خلينه” وسجلها على كاسيت وبعثها لي بيد عماد.وحين سمعتها لاسيما في المقطع الذي يقول فيه( يارايح كله لمحبوبي انت من العالم مطلوبي،خلينه نشوفك خلينه وحياة الحب ارجع لينه).فقررت العودة بعد ان سمعت الكلام الجميل وهو مغنى فذابت روحي مع صوت 
اموري!  
  
جلسة توقيع كتاب
هذه الذكريات التي سردتها “سناء” ضمنتها في كتابها الجديد”شغف وذكريات”واقامت له حفل توقيع فخم في نادي الصيد العراقي وبحضور كبير من الادباء والصحفيين والاعلاميين. ضم الكتاب الكثير من الومضات الشخصية والعامة التي عاشتها مع زوجها او بعده.وتقول عنها:- انها مشروع كاتبة تتسم كتابتها بشغف الجمال ،وتتمنى ان تحقق لنفسها مكانة مرموقة بين الاديبات في العراق.وهذا كتابها الثاني بعد الكتاب الاول الذي اصدرته عام 
2010. 
تقول فيه:- لقد تناولت الكثير من الامورالحياتية والعامة منها موضوع الجندي المجهول الذي رفع من ساحة الفردوس بعد بناء الجندي المجهول الجديد في الكرخ. وكان هذا القرار خاطئ،لانه كان يعبرعن نهضة معمارية واجتماعية وحضارية صممه المعماري الكبير “رفعت 
الجادرجي”. 
كما تناولت فترة عملها في نادي الصيد العراقي وفوزها بعضوية الهيئة الادارية لاكثر من دورة فقالت:  فزت بدورة عام 2011 مع تسعة رجال. وفي الدورة اللاحقة فزت من بين خمسين رجلا وكنت السيدة الوحيدة 
الفائزة. واستطعت خلال عملي ان اقدم الكثير من الانجازات منها الجانب الثقافي حيث اقمت المنتدى الثقافي الذي صار هوية خاصة بالنادي، بعد ان كان النادي ترفيهيا بحتا،ليضفي سمة حضارية وتنويرية وفكرية على نشاط
 النادي. 
الشباب والتكنولوجيا
كما اعابت على جيل الشباب اليوم انغماسه بتقنيات الحضارة والتكنولوجيا الحديثة على حساب الثقافة والتثقيف الذاتي.حيث نراهم يلهثون-كما تقول- وراء الكثير من الاشياء التي لاتثمن ويتركون التوجه الى الثقافة العامة وهي سلاح مهم للبشر امام تحديات الحياة والمستقبل.
ومن ومضاتها العديدة في الكتاب اخترنا ومضة شباب دائم  التي تقول فيها عن سرشبابها وجماله الدائم: ان السر يكمن في روحي ووجداني وعقلي.والاهم انني بحالة صلح دائم مع نفسي.واحاول ان اشغل نفسي بأشياء تنفعني وتفيد من حولي.