إضاءة التوت وعتمة الدفلى

ثقافة 2023/03/02
...

 ريسان الخزعلي


«إضاءة التوت وعتمة الدفلى».. حوار وعي عارف بما حصل واحتمال الذي يحصل على مستويات عدّة، منها الفلسفي والفكري والسياسي والشعري

 والحياتي.

المُحاور يمتلك الأصول المعرفيَّة في منهجيَّة الحوار، ويمتلك المعرفة الإبداعيَّة/ التاريخيَّة للمُحاوَر/ الشاعر؛ كما أنّ الشاعر يمتلك التأصيل الإبداعي لفنّه وتكوينه الشعري والفكري من دون مواربَة. الشاعر هو  فوزي كريم والمُحاور هو حسن

ناظم.

كم أضاء التوت..؟ وكم عَتُمت الدفلى..؟ إنَّه السحر الواضح في انزياح اللون والطعم في هكذا مقاربة نوعيّة تنبش في المخفيّات وتضيء الواضحات مع شاعر له أكثر من توقيع في مشهد الشعر العراقي الحديث/ أراه من أكثر الموقّعين على البيان الشعري تراسلاً وتماسكا/. شاعر غير مأخوذ بالمهرجانيّة الظاهريّة وإنما يندسُّ عمقاً في الكتاب، بمعنى أنّه يقدُم من ضرورة الكتابة لا من تلويحات الأكف التي قد لا تُصفّق لشعره، لذلك يندر حضوره على منصة في قراءة

 شعرية.

فوزي كريم، ينتشر روحيّاً مع الموسيقى واللوحة الفنيّة، وبذلك  يتأسس شعره على حفريّات أسباب وجوهر الوجود، غير ملتفت لتوصيفات شاغلت وأشغلت أصحابها.

المُحاور في حواره الواسع مع الشاعر (إضاءة التوت وعتمة الدفلى) أضاء أعماقه الروحيّة أيضاً في هذا الحوار، كونه واقفاً في التوازيات مع الشاعر، يوافق ولا يوافق، يعترض ويتداخل ويتقاطع إلى أن يقطف المعنى الذي تأسس سابقاً في وعيه عن

 الشاعر.

إنَّ هذا الكتاب يُذكّرنا بالحواريّات الكبرى مع الفلاسفة والمفكرين، إذ توافر على رصد عميق لكل ما في فوزي كريم من ظلال سياسيّة وسايكولوجيّة وحيودات عن السائر والمألوف، وكيف شكّلت كل هذه الظلال شعريته اللامعة على مرأى من نفسه والآخرين..، حتى أنَّ الدهشة لصادمة فعلاً في جرأة الأسئلة المعمّقة التي تكشف أولاً نقديّة المُحاور وسعة فهمه للشعر وفكرة الشعر؛ كما أن الإجابات هي الأخرى تضعنا أمام شاعر مُفكّر، يبثُّ الشعر خلْقاً سريّاً، لا تسليات جاهزة تبعث على

الطرب.

إنَّ ما كشفه الشاعر في إجاباته عن الشعر العراقي ممثلاً ببعض رموزه (سعدي يوسف، يوسف الصائغ، عبد الرزاق عبد الواحد) يُدلل على حذر مسبق، كي لا يقع في مصيدة الأيديولوجيا التي يراها الوجه الوهمي للشاعر، الوجه/ الغيمة لا الوجه الماطر بماء

الشعر. 

كم أضاء/ ناظم/ التوت وكم عتّم/ فوزي/ الدفلى ..؟ إلا أن التوت والدفلى كليهما من ذاكرة الشاعر المكانيّة، وبيت أهله في المنطقة الخضراء. 

وما زال يُكرر/ حيث تبدأ الأشياء، وأرفع يدي احتجاجاً.. وإن الجنون من حجر/.