صوفي ويلكينز.. سيّدة الواقعيَّة السحريَّة

ثقافة 2023/03/04
...

 ترجمة: رامية منصور


عندما يفكر الكثير من الناس في الفن، قد يخطر في بالهم غالبًا تلك الروائع العظيمة التي صنعت على مدى سنوات طويلة مضت.. ويكتفون بالإشارة إلى فن العقود الأخيرة حتى يومنا هذا بأنّه يُسمّى بالفن المعاصر. 

يعمل الفنانون المعاصرون وفق معطيات عالمٍ متأثر ومؤثّر عالميًّا ومتنوّع ثقافيًّا ومتقدم تقنيًّا.

فنّهم هو مزيج ديناميكي من المواد والأساليب والمفاهيم والموضوعات التي تواصل بلا هوادة تحديها لتلك الحدود والقوالب التي كانت مفروضة حتى مطلع القرن العشرين.. بينما تأثر فنانو العهود الماضية في أغلب الأحيان بالدين والأساطير ومطالب ونزوات رعاتهم الذين يدفعون لهم المال مقابل عملهم، يستمد فنانو اليوم إلهامهم من أكثر من ذلك بكثيرٍ، وغالبا ما يُخلق وينمو العمل الفني من اهتماماتهم الخاصة أو تعبيراتهم عن الذات وقناعاتهم الفكرية والفلسفية والحياتية والسياسية والاقتصادية ويعكس مزاجياتهم وثقافاتهم الخاصة، بما في ذلك المناخات السياسية الحالية والاتجاهات الشعبية.. يضاف إلى ذلك القدرة على السفر في نطاق واسع والاندماج مع ثقافات وبيئات شعوب وبلدان أخرى أكثر بكثير مما يرون في بيئاتهم المحلية، إذ أصبح الفن عالميًّا ومتنوعًا بشكل متزايد في موضوعاته.

“كان الرسم والتلوين جزءا من حياتي منذ طفولتي الرقيقة.

شغف نما وأصبح في مقدمة ضروريات الحياة بالنسبة لي على طول الطريق. 

الأعمال الجدارية واللوحات هي محور تركيزي الرئيسي، ولكني أعمل أيضا على سبر مجالات أخرى كالديكور والمكياج الفني والرسوم التوضيحية.

أحاول من خلال أعمالي الفنية تمثيل طاقة الحب التي يجب أن تتدفق في مجتمع يترك أحيانا طعمًا حامضًا في فمي.

إنه جانب محوري كاشف لطبيعة الحياة أستكشفه من خلال التفاصيل التي غالبا ما تنزلق من بين أيدينا”.

صوفي ويلكينز فنانة كندية ولدت في كيبيك وتقطن في مونتريال. 

شغوفة بالرسم منذ طفولتها، كرست نفسها لفنها منذ عام 2003.. يقوم عملها على استخدام مواد مختلفة مثل الأكريليك والألوان الزيتية ومسحوق الفحم.

ينصب تركيزها الرئيسي في مجال الرسم على القماش والرسم الجداري، ولكنها ترسم أيضًا مشاهد توظف كخلفيات ديكور للسينما والمسرح.

تدور موضوعات أعمالها حول التعايش بين بني البشر والحيوانات، بإنشاءات مربكة توظّف تشكيليًّا لخلق وحدة متوازنة داخل بنية اللوحة.  

تتميز صوفي بدرجة رئيسة برؤيتها المجازية للكائنات الحيّة وتعطي اهتمامًا لا بأس به للتفاصيل.

إنّها تصنع صورة لكون موازٍ يراود وعيها بقوّة نحو حلم جميل في شكل راقٍ للحياة مبني على فكرة أخلاقية إنسانية وروحانية عالية.. عالم قد يبدو خياليًّا لأن فكرة أن يعيش البشر والحيوانات معًا في سلام تتناقض مع غريزة الكائن البشري النازعة نحو التوحّش حتى في أكثر العصور تطورًا وانفتاحًا في الوعي. 

تأخذ المحاربات من أجل الطبيعة، بأوشامهن ورسومهن البدائية على وجوههن وأجسادهن، في أعمال ويلكينز مركز اللوحة لتذكرنا بأنَّ ثمة مسؤولية عظيمة تقع على عاتق كل إنسان هي الحفاظ على الحياة ومخلوقاتها لأن التصالح مع الطبيعة وحده هو الذي يرسم مسارات مصيره ووجوده في هذا العالم الذي عاثت الحضارات وبشرها فيه تخريبًا وإبادة من دون رحمة لمخلوقاته. 

 تقدم صوفي ويلكينز وجهات نظرها الفريدة حول العلاقة الإنسانيّة بالطبيعة والقوة الإلهيّة التي صنعت هذا الوجود وبثّت روحها فيه، هذه الروح التي تحاول صوفي إعادتها لميدان الفعل والفهم من خلال الفن الذي يصنع وعيًا جديدًا ومفاهيم مختلفة عن السائد والمتوارث علَّ زمناً آخر مقبلا يأتي بتحقيق لذلك الحلم. 

تجمع صوفي دراساتها للشكل الأنثوي جنبًا إلى جنب مع أجناس من الحيوانات البرية والطيور داخل الجو الداكن للوحاتها ذات الألوان الترابيّة الذي تنتشر فيه العناصر النباتية الفاتحة والعائمة في جو اللوحة حيث تتناغم الأشكال البشرية مع الحياة البرية بإحساس من البراءة والحب.. تعتمد في لوحاتها البورتريه الواقعي ضمن مشاهد إنشائية رائعة متناظرة تارة ومتداخلة تارة أخرى، مما يخلق من لوحاتها نوافذ في عالم سريالي إذ تتعايش الإنسانيّة والطبيعة في وئام.