تعدُّ عملية توجيه السياسات الوطنية والخطط الإنمائية في العراق بشكل سليم مسألة غاية في الأهمية؛ لكونها تؤسس أطراً واسعة لمعالجة المشكلات الاقتصادية في البلاد، ما يتطلب المزيد من العمل في مواجهة البطالة والحد من الفقر، فضلا عن المساواة في تأمين فرص العمل.
تشير الإحصاءات إلى تزايد أعداد المسجلين لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بشكل لافت بعد أن قامت بجولات كشف ميدانية متعددة في جهود حثيثة بحثا عن العاطلين عن العمل والأسر الفقيرة في مناطق متعددة من البلاد، ومن اجل وضعها في مؤشرات قاعدة البيانات لتنظيمها ورفع نسبة تشغيل العمالة الوطنية بهدف تقليل نسبة البطالة والحد من الفقر، وتفعيل حجم المشاركة الفعلية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تأخذ مديات واسعة لإيجاد فرص حياتية جديدة من شانها أن تعمل على تخفيف الانعكاسات السلبية لمشكلة العوز والفقر، كما أنها يمكن أن تسهم بشكل كبير في النهوض بمستوى خطط التنمية الاقتصادية في العراق.
وتسعى الوزارة إلى مدِّ جسور التعاون الجاد مع المنظمات الدولية، وعقدت صيغة تفاهم وتعاون مشترك مع البنك الدولي بهدف استمرارية تنفيذ البرامج المتفق عليها والمشاريع المستقبلية وفق الرؤية والقوانين العراقية
النافذة. ووجهت الوزارة الدعوة إلى المدير التنفيذي لمكتب البنك الدولي في بغداد يارا سالم وأكدت على ضرورة تفعيل الشراكة الحقيقية في العمل، وأهمية الاستفادة من إمكانيات الطرفين لتسخيرها دعما للفقراء وفئة ذوي الإعاقة، وكذلك تحريك قطاع التدريب بهدف إيجاد فرص العمل للباحثين عنه في مناطق مختلفة من العراق لما تشكله من أولوية كبيرة في عملها.
الإجراءات الحكومية -ومن خلال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية- هدفها الحد من آثار الأزمة المعيشية التي تطول عددا من الأسر في مناطق متفرقة من البلاد، إذ تخطط الوزارة ومن خلال منافذها المعنية لترجمة التوجهات الحكومية في الفترة المقبلة للدورة التشريعية الحالية، وتطبيق مواد الدستور العراقي لاسيما تلك التي تتعلق بأحقية جميع المواطنين في العيش الكريم والحياة الطبيعية التي يستحقها كل فرد من أبناء الشعب العراقي.
وهنا لا بدَّ من التأكيد على أمور تدخل ضمن إطار العمل التنسيقي بين العراق ومكتب بنك الدولي، نذكر منها أن مسألة تعزيز أطر الانتعاش الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة ستؤسس لمرحلة جديدة أكثر اتزانا وعدلا كإحدى ركائز التغيير المعيشي نحو الأفضل، إذ ينعكس ذلك على بشكل ايجابي على جهود الحكومة في الحد من الفقر الذي ربما يكون متوارثا فيما إذا لم يتم معالجة آثاره بشكل مستديم وضمن خطط واعدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إنّ إنجاح خطوات تلك الإجراءات سوف تقترن بتمتين النظم الخاصة بالحماية الاجتماعية، لاسيما التي تتعلق باستفادة الفئات الأكثر ضعفا، إذ ان أغلب الفئات الفقيرة تضم الكثير من العاطلين عن العمل الذين إذا ما توفرت لهم ظروف عمل مناسبة سيوفرون دخلا معيشيا مناسبا لأسرهم ويسهمون بإنعاش السوق بمنتجات وخدمات إضافية، ويؤسس للأنشطة حياتية جديدة ابرز صورها التبادل السلعي والخدمي، وينعكس بشكل ايجابي مباشر أو غير مباشر على حركة التجارة الداخلية، ويحث على توسيع أفق التعاون وتعزيز الكفاءة وحسن تنظيم الحياة اليومية لكل فرد لتعم الفائدة على الجميع، والأمر الآخر الذي لا بد من الإشارة له في هذا المجال وهو أهمية مراعاة تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء في الحصول على العمل أو القروض، فالمرأة العاملة تمثل عصبا مهما في تأمين جزء مهم من دخل العائلة العراقية، لاسيما وان هناك الكثير من الأسر تضم النساء الأرامل والمطلقات ومن غير المتزوجات بسبب الظروف العامة التي مر ويمر بها العراق منذ سنوات
عدة.
ولا مناص من التأكيد على أهمية إنشاء مراكز خاصة لتدريب العاطلين عن العمل والمستفيدين من قروض المشاريع وتأهيلهم بما يتلاءم وتخصص إعمالهم وتوسيع نطاق منافعها على المجتمع بشكل عام ورفع مستوى المعيشية لكل الأسر المستهدفة في هذه المشاريع، ما يعزز من دور القطاع الخاص في البناء الاقتصادي
الهادف.