ليست بئرًا عميقة

اسرة ومجتمع 2023/03/04
...

سعاد البياتي

تؤكد الدراسات الحديثة أن الكشف عن أسرارنا  للآخرين، سيؤدي الى تحسين حياتنا، وأن من الطبيعي  مشاركتها  مع الاخرين، لأن الاحتفاظ  بالسر يمنعنا  من فرصة الارتباط بالآخرين، والحصول على مساعدتهم  للتخلص من الأفكار السلبية، وكل ما يتطلبه الموضوع  هو المحادثة مع شخص للهروب من الحلقة المفرغة، التي نجد أنفسنا فيها. 

فالتفاعل الاجتماعي  كما تؤكد الدراسة يجعلنا نشعر بالراحة والانفتاح، ويؤدي إلى تحسين الصلة مع الصديق المقرب، الذي سيكون مستودع أسرارنا  والبئر العميقة، التي ندفن فيها كل ما يعلق في قلوبنا  من أزمات نفسية،  والتي ستزودنا بالدعم العاطفي والعملي وتشاركنا  في التوصل الى حل للمعضلة التي قد نعاني منها، مع ذلك هناك حكمة أعجبتني تقول «أي شيء يجعلك تبتسم احتفظ به سرا، فالناس يعشقون إفساد الأشياء الجميلة».

لذا فإن الكشف عن الأسرار والذي اعتادت النساء على هذه الصفة في الغالب وليس الأعم، هو من السلوكيات غير المستحبة، لا سيما إذا ارتبطت بأشياء شخصية وخاصة جداً، يفضي في الكثير من الأحيان إلى تداعيات سيئة، تأتي بنتائج عكسية اذا كان المقابل غير أمين على ما بوح له، وهذا أخطر بكثير من الضغوط النفسية التي تعتلي في نفس صاحب السر، حينما يشعر بالضيق اذا لم يبح به! فتكون كل السلوكيات غير متوافقة مع كمية الثقة الممنوحة له، ولكن هل تستطيع المرأة أن تتحول إلى صندوق مغلق وتحتفظ بأسرارها لنفسها، ولا تفضفض أمام المقربات من صديقاتها، وكيف لها أن تكتم ما في داخلها من ألم ومعاناة وخذلان سرعان ما يظهر على شكل صداع وأرق وأمراض نفسية، فالصمت والكتمان بالنسبة لها هما الموت البطيء، لذا فهي وكما معروف عنها لا تستطيع أن تحتفظ بالسر لأكثر من ثلاث ساعات، وربما ساعة واحدة فقط  ولذلك يقول المثل الصيني «استودع الخرساء سرا وستراها  تنطق». 

 وتقول الحكمة «اذا أغلق الناس أبواب بيوتهم تساووا»، واليوم وللأسف أبوابنا  مغلقة وحياتنا  الاجتماعية الخاصة مكشوفة، أمام أنظار كلِّ من هبَّ ودبَّ، وأصبحنا نطالع منشورات تفضح الأسرار الاجتماعية، وتكشف  عن المشاعر المكبوتة بدواعي الفخر والمباهاة، وماذا نفعل ازاء بعض  البشر الذين  لا يكتمون الأسرار، وهم بمثابة  اذاعات متنقلة، تتحول الخصوصيات لديهم إلى عموميات، فكل شيء أصبح  مباحا في زمن «الفيسبوك» ولا يدركون أن حياتهم الخاصة هي ملكٌ لهم ولا ينبغي  مشاركتها مع الآخرين إطلاقا.