الأوروبيون ينطلقون متأخرين في سباق الذكاء الاصطناعي

علوم وتكنلوجيا 2023/03/05
...

 باريس: أ ف ب



أحدث إطلاق برنامج {تشات جي بي تي} صحوة لدى الشركات الأوروبية التي لم تسلم بخسارة السباق، بل شرعت في مساع للحاق بالركب على أمل دخول سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي الواعدة.

خلال الأسابيع القليلة الماضية، تنافس عمالقة التكنولوجيا الأميركيون في إطلاق نماذج قادرة على إنتاج نصوصٍ أو صورٍ. في المقدمة، "تشات جي بي تي" ونموذجها "جي بي تي - 3" الذي أنشأته شركة "أوبن إيه آي" المتحالفة مع مايكروسوفت. 

كذلك، تتزاحم غوغل وأمازون وميتا وآبل على إطلاق برمجياتها الخاصة في هذا المجال، من دون إغفال مجموعة بايدو الصينية.


شركات ناشئة

في أوروبا، بسبب نقص الشركات العملاقة، تُطلق عشرات الشركات الناشئة أدواتها الخاصة، بدءاً من مصممي التطبيقات القائمة على نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية، إلى تلك الأكثر ندرة التي تطور نماذج خاصة بها.

لكنَّ هذه البرامج كلها تعتمد على آلاف سطور التعليمات البرمجية التي يتم تشاركها بحرية (عبر برامج "مفتوحة المصدر") من جانب باحثين أوروبيين وأميركيين، بعضهم يتحدرون من شركات كبرى في مجال التكنولوجيا.

ومن أهم هؤلاء، شركة "ألِف ألفا" الألمانية ونموذج الوسائط المتعددة الخاص بها، و"بلوم" الفرنسية مع نموذج مفتوح المصدر مدعوم من المجلس الوطني الفرنسي للبحث العلمي ومصمم على يد كونسورسيوم من الباحثين الدوليين جمعته شركة "هاغينغ فيس" الفرنسية الأميركية 

الناشئة.

وتطلق شركات أوروبية كثيرة أدوات متخصصة، مثل "ستايبل ديفيوجن" Stable Diffusion (لتوليد الصور)، و"سانا لابز" السويدية (لإدارة المعلومات) أو الهولندية "كرييتيف فابريكا" (لتوليد الرموز البصرية). 

وتقدم شركات أخرى منصات للنماذج البيانية، مثل "داست".

سوق بمليارات الدولارات

وتجمع هذه الشركات كلها أموالاً، لكنّ قيمتها تُقدّر بعشرات الملايين الدولارات، بعيداً عن مليارات الدولارات التي تنفقها المجموعات الأميركية العملاقة مايكروسوفت وغوغل وميتا. ومع ذلك، فإنَّ الأوروبيين مقتنعون بقدرتهم على مواجهة التحدي. ويوضح مؤسس "ألِف ألفا" يوناس أندروليس "سنطلق هذا العام أنموذجاً من 300 مليار معيار، بينما ليس لدى (جي بي تي 3) سوى 175 ملياراً. وقد اخترعنا وسائط متعددة، يمكن فيها للطلبات والردود أنْ تجمع بين النصوص والصور".

ويقول "إنها سوق بمليارات الدولارات. نحن نسرّع عجلة عملنا للحفاظ على وجودنا أمام مايكروسوفت، منافستنا في سوق الشركات"، مشيراً إلى أنَّ "الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي محدود للغاية".

يؤكد لوران دوديه، الشريك المؤسس لشركة "لايتون"، أنَّ "نماذجنا الأساسية تتمتع بالفعالية نفسها لـ(جي بي تي 3) أو (ديب مايند) من غوغل".

ويضيف "عدد الاستخدامات هائل، والمحادثة واحد منها، لكننا لن نقاتل في هذا المجال حيث يتفوق الأميركيون. سنقدم محتوى للشركات يشمل تلخيص الوثائق، وملخصات لتبادل البريد الإلكتروني، وكتابة تعليمات متخصصة". وتعتمد "بلوم" في برمجيتها على 176 مليار معيار، أي أكثر بقليل من "جي بي تي 3"، ولكن من دون روبوت محادثة. يؤكد تيفان لو سكاو من "هاغينغ فيس"، أن "أوروبا لا تزال متأخرة قليلاً، لكن بحلول نهاية العام، سيكون لدى (بلوم) قدرة على إجراء أحاديث بجودة عالية".

ويراهن البعض على المنتجات الموجهة للعامة، مثل الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بابلو دوكرو الذي يعدّ تطبيقاً قادراً على إنشاء نصوص وصور وموسيقى مستوحاة من فنان سيتلقى إتاوات عنها.

ويقول الباحث المقيم في الولايات المتحدة لتسهيل مهمة الاستحصال على تمويل، إن "كل شخص سينشئ المحتوى الخاص به".


تعدد اللغات

وتتميز أنظمة أوروبية كثيرة عاملة بالذكاء الاصطناعي بأنها متعددة اللغات. ويدعم البرنامج المطور من "بلوم" اللغات السبع الأكثر استخداماً في العالم، بينها الإنكليزية والصينية والإسبانية والفرنسية، فيما يدعم برنامج "ألِف ألفا" خمس لغات.

ويشكل ذلك ميزة هامة لأنّ الأوروبيين يفضلون استخدام أداة تتحدث لغتهم. لكنّ جودة المنتجات تعتمد على حجم مجموعة النصوص التدريبية، وهي أكبر بالنسبة للغة الإنكليزية. ويقر مؤسس "ألِف ألفا" بأن "زبائننا يفضلون جي بي تي 3 للنصوص الإنكليزية، ونموذجنا للألمانية والفرنسية".

مصدر قلق آخر يتمثل في أن المشاركة المفتوحة لرموز الترخيص، وهو عنصر أساسي لجميع أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية، أصبحت أكثر ندرة مع اشتداد المنافسة في هذا المجال. ويقول تيفان لو سكاو "كان ذلك قائماً على المنافسة والتعاون في آن".

ولإنشاء برامج قائمة على الذكاء الاصطناعي، لا حاجة لفرق كبيرة، ولكن يجب أن تمتلك أوروبا ثلاثة أشياء، وفق بابلو دوكرو: "أولاً، قوة الحوسبة، وهي مكلفة. ثم الوصول إلى البيانات من أجل التدريب. وأخيراً، الموهبة، وهنا تُطرح مسألة الرواتب". ويمكن أنْ يكون العنصر الذي سيُحدث الفرق مرتبطاً بملاحظات المستخدمين، وهو أمر ضروري لتحسين النتائج. وبالتالي، يمكن لـ"تشات جي بي تي"، الذي يستفيد من التفاعلات مع أكثر من 100 مليون مستخدم للإنترنت، أنْ يوسع الفارق مع سائر البرمجيات المنافسة.