رويدة عبد الحميد: الألوان طاقة وسيادة بصريَّة

ثقافة 2023/03/05
...

 هويدا محمد مصطفى


تعتني التشكيليَّة السوريَّة رويدة عبد الحميد بكلِّ ما يقترب من الإحساس ويوثق للعين الداخلية المرتبطة بالأفراح والأحزان. إنَّها تشكيليّة انطباعيّة أولا لكنها تخشى التأطير وترى أن الانتماء للرسم هو أكثر الاختيارات رجاحة فهي وإن واجهت الكثير من الصعوبات في مسيرتها الفنية إلا أنّها لاتعلق بذاكرتها وهذا مايسمى بالاخلاص للفن.

• حدثينا عن البدايات مع الرسم وكيف دخلت هذا المجال؟

ـ بدايتي لم يكن لها تاريخ محدد، بل جاءت بشكل عفوي وغيرمقصود، فنحن كأطفال نشعر بحاجتنا للتعبير وكل طفل يعبر عمّا بداخله من خلال نشاط معين وأنا شعرت أن الرسم أقرب إليَّ، ربما لأنّي نشأت في أسرة تحب الرسم وتمارسه، وانتقل ذلك الحب إليَّ بشكل غير مقصود، فعادة أن  الطفل يتأثر بمحيطه ويقلّده من دون وعي أو قصد، لكنّني لم أفكر يوما بالدخول في ذلك المجال، كانت مجرد هواية، خلال مسيرتي الدراسيَّة كنت أشارك في المعارض المدرسيَّة، وعندما أنهيت دراستي الثانويَّة اتجهت باتجاه آخر وتركت الرسم وحتى أنّني نسيته تماماً. وعندما أكملت الثلاثين من عمري شعرتُ بأنّني ضللت الطريق وما أعيشه ليس ما أريده وعملي الذي أمارسه لم يرضِ ذاتي. كنتُ أبحث عن شيءٍ أعمق، شعرتُ بأنّني بحاجة للتعبير عمّا بداخلي حاولت في البداية أن أكتب ما أفكر وأشعر به لكنني لم أجد نفسي وقتها بالكتابة عندها استيقظ الرسم بداخلي وأخذ بيدي من جديد، فبدأتُ مسيرتي الفنيّة الفعليّة حينها وتلك كانت البداية في الدخول في ذلك 

العالم.

• إلى أيِّ المدارس الفنيّة تنتمين ولماذا؟

ـ الانتماء إلى مدرسة برأيي هو تأطير لأسلوب الفنان وحصره في نمط معين. أنا كفنانة تذوّقت كل المدارس ووجدت ميلا للمدرسة التعبيريّة أكثر لكن هذا لايعني أنني سأحصر نفسي بها طيلة مسيرتي الفنية. الفنان متجدد بطبيعته ومع الوقت وتغير الحياة قد تتغير نظرته واهتماماته وحتى قناعاته وهذا سينعكس أيضا على أسلوبه في التعبير.

• من أين تستوحين موضوعات اللوحات التي ترسمينها وكيف يأتيك الإيحاء؟

ـ موضوعاتي لها مصادر متعددة فبعضها من الواقع الملموس من مشاهد أراها وقصص أسمعها، وبعضها من تأمّلات وأفكار دخلت اللاوعي وتداخلت فيما بينها حتى أنجبت أعمالا فنيَّة لم أكن أخطط لها مسبقا. باختصار كل حدث أو قصة أو كلمة أو مشهد يؤثر بي يكون مصدر إلهام.

•  كيف تختار رويدة عبد الحميد الألوان للوحاتها وأيّهما أهم اللون أم الفكرة؟

ـ للألوان طاقة تؤثر فينا، تحمل أحيانا تأثيرات بصريَّة وأحيانا تأثيرات نفسيَّة. وأنا اختار ألواني على حسب ما أريد إيصاله للمشاهد، فاللون يساعدني في التعبير ولا أتبع قاعدة ثابتة في ذلك فتارة أعطي ألوانا شاحبة للشخصيات التي تعاني من الألم والحزن  وتارة أخرى أعطيها العكس وهذا يعتمد على حالتي النفسية. أحيانا أجعل اللون يكسر حزن الخط وأحيانا أخرى أجعله يتعاطف معه فالخط هو التعبير الأول عن المشاعر ويأتي اللون ليساعده أو ليواجهه. كما اعتمد في اختياري لألواني على توافق وتكامل الألوان بحيث أحقق انسجاما فيما بينها. فلكل لون لون آخر يكون متمماً له واعتمد في ذلك على نظرية الألوان كما أعتمّد أحيانا التضاد بين الألوان لأخلق إيقاعات بصريَّة شبيهة بإيقاعات الموسيقى. فاللون في اللوحة كاللحن في المعزوفة، الأول يُطرب العين والثاني يُطرب الأذن. أما من يملك السيادة في اللوحة اللون أم الفكرة فأقول كلاهما يكمل الآخر.

* موضوع المرأة كان واضحا في لوحاتك ما الرسالة التي تودين إيصالها؟

ـ باختصار للتركيز على أهمية المرأة وأهمية وجودها باعتبارها هي الأساس في التربية كأمّ ودعم الرجل كزوجة، ولكي تحقق هذه الأدوار لا بدَّ أن تكون متعلّمة ومثقفة وقويَّة ولها رأي مستقل وليست تابعاً لأنَّ المرأة الضعيفة لن تنجح في شيء.

• ما هي المعارض الفنيَّة التي شاركت فيها؟

ـ شاركت بالعديد من المعارض الجماعيَّة داخل وخارج سوريا والتي من الصعب ذكرها وتسلسلها الزمني. ونلت العديد من التكريمات خلالها. كما أقمت سبعة معارض فرديَّة داخل سورية. وكان آخر معرض خلال هذا العام.

• هل هناك ثقافة فنيَّة برأيك؟

ـ موجودة لكن بشكل محدود ومحصورة بفئة معينة، إنّها ضعيفة نسبيَّاً.

• ماهي الصعوبات والعراقيل التي واجهتك في مشوارك الفني؟

ـ لا شيء يستحق الذكر، فاختياري الواعي للسير في هذا الطريق وحبي الشديد لما أقوم به جعل الصعوبات أصغر من أن تُرى أو تدخل ذاكرتي.